(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩) وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (١١) قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧))
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) ، العزيز بالنقمة من أعدائه ، (الرَّحِيمُ) ، ذو الرحمة بأوليائه.
قوله عزوجل : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) ، واذكر يا محمد إذ نادى ربك موسى حين رأى الشجرة والنار ، (أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ، يعني الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية ، وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب.
(قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ) (١١) ، ألا يصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته.
(قالَ) ، يعني موسى ، (رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ).
(وَيَضِيقُ صَدْرِي) بتكذيبهم إيّاي ، (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) ، قال : هذا للعقدة التي كانت على لسانه ، قرأ يعقوب «ويضيق» ، «ولا ينطلق» بنصب القافين على معنى وأن يضيق ، وقرأ العامة برفعهما ردا على قوله : (إِنِّي أَخافُ) ، (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) ، ليوازرني ويظاهرني على تبليغ الرسالة.
(وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) ، أي دعوى ذنب (١) ، وهو قتل (٢) القبطي ، (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) ، أي يقتلونني به.
(قالَ) ، الله تعالى ، (كَلَّا) ، أي لن يقتلوك ، (فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) ، سامعون ما يقولون ، ذكر معكم بلفظ الجمع ، وهما اثنان أجراهما مجرى الجماعة. وقيل : أراد معكما ومع بني إسرائيل نسمع ما يجيبكم فرعون.
(فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٦) ، ولم يقل رسولا رب العالمين لأنه أراد بالرسالة أنا ذو رسالة رب العالمين ، كما قال كثير :
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم |
|
بسرّ (٣) ولا أرسلتهم برسول |
أي : برسالة ، وقال أبو عبيدة : يجوز أن يكون الرسول بمعنى الاثنين والجمع ، تقول العرب : هذا رسولي ووكيلي وهذان وهؤلاء رسولي ووكيلي ، كما قال الله تعالى : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ) [يس : ٦٠] [وقيل إنه أراد الرسل](٤) ، وقيل : معناه كل واحد منّا رسول رب العالمين.
(أَنْ أَرْسِلْ) ، أي بأن أرسل ، (مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) ، أي إلى فلسطين ، ولا تستعبدهم ، وقيل (٥) استعبدهم فرعون أربعمائة سنة ، وكانوا في ذلك الوقت ستمائة ألف وثلاثين ألفا ، فانطلق موسى إلى مصر وهارون بها فأخبره بذلك.
__________________
(١) زيد في المطبوع «أي دعوى ذنب».
(٢) في المطبوع «قتله».
(٣) في المخطوط «بشرّ».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع «وكان».