(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، يعني هؤلاء المشركين ، (ما لا يَنْفَعُهُمْ) ، إن عبدوه ، (وَلا يَضُرُّهُمْ) ، إن تركوه ، (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) ، أي : معينا للشيطان على ربه بالمعاصي. وقال الزجاج : أي يعاون الشيطان على معصية الله لأن عبادتهم الأصنام معاونة للشيطان.
وقيل : معناه وكان الكافر على ربه ظهيرا أي هينا ذليلا كما يقول (١) الرجل : جعلني بظهر (٢) أي جعلني هينا.
ويقال : ظهر به إذا جعله خلف ظهره فلم يلتفت إليه.
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) (٥٦) ، أي : منذرا.
(قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) ، أي على تبليغ الوحي ، (مِنْ أَجْرٍ) ، فتقولوا إنما يطلب محمد أموالنا بما يدعونا إليه فلا نتبعه ، (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) ، هذا من الاستثناء المنقطع ، مجازه : لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بإنفاق (٣) ماله في سبيله فعل ذلك ، والمعنى : لا أسألكم لنفسي أجرا ولكن لا أمنع من إنفاق المال في طلب مرضاة الله واتخاذ السبيل إلى جنته.
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠))
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) ، أي صلّ له شكرا على نعمه. وقيل : قل سبحان الله والحمد لله ، (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) ، عالما بصغيرها وكبيرها فيجازيهم بها.
(الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٥٩) ، أي : الرحمن.
قال الكلبي : يقول فاسأل الخبير بذلك يعني بما ذكرنا (٤) من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش. وقيل : الخطاب للرسول والمراد منه غيره لأنه كان مصدقا به ، والمعنى : أيها الإنسان لا ترجع في طلب العلم بهذا إلى غيري. وقيل : الباء بمعنى عن أي : فاسأل عنه خبيرا وهو الله عزوجل. وقيل : جبريل عليهالسلام.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) [أي](٥) ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة ، يعنون مسيلمة الكذاب ، كانوا يسمونه رحمن اليمامة. (أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا).
قرأ حمزة والكسائي «يأمرنا» بالياء أي لما يأمرنا محمد بالسجود له ، وقرأ الآخرون بالتاء أي لما تأمرنا أنت يا محمد ، (وَزادَهُمْ) يعني زادهم قول القائل لهم : (اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ نُفُوراً) ، عن الدين والإيمان.
(تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (٦٢) وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤))
__________________
(١) في المطبوع «يقال».
(٢) في المطبوع «بظهير».
(٣) في المطبوع «بالإنفاق من».
(٤) في المخطوط «ذكر».
(٥) زيادة عن المخطوط.