[١٥٦٨] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك بن أنس عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني أنه قال : صلى بنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال : «هل تدرون ما ذا قال ربكم»؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأمّا من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي ، وكافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر في مؤمن بالكواكب».
قوله عزوجل : (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) (٥١) ، رسولا ينذرهم ، ولكن بعثناك إلى القرى كلها وحملناك ثقل النذارة جميعها لتستوجب بصبرك على ما أعددنا لك من الكرامة والدرجة الرفيعة.
(فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) فيما يدعونك إليه من موافقتهم ومداهنتهم ، (وَجاهِدْهُمْ بِهِ) أي : بالقرآن ، (جِهاداً كَبِيراً) [أي](١) شديدا.
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) ، أي : خلطهما وأفاض أحدهما في الآخر ، وقيل : أرسلهما في مجاريهما وخلاهما (٢) كما يرسل الخيل في المرج ، وأصل المرج الخلط والإرسال.
يقال : مرجت الدابة وأمرجتها إذا أرسلتها في المرعى وخليتها تذهب حيث تشاء ، (هذا عَذْبٌ فُراتٌ) ، شديد العذوبة والفرات أعذب المياه ، (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) ، شديد الملوحة.
وقيل : أجاج أي مرّ ، (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) أي : حاجزا بقدرته لئلا يختلط العذب بالملح ولا الملح بالعذب ، (وَحِجْراً مَحْجُوراً) أي : سترا ممنوعا فلا يبغيان ، فلا يفسد الملح العذب.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ) ، من النطفة ، (بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) أي : جعله ذا نسب وذا صهر.
قيل : النسب ما لا يحل نكاحه والصهر ما يحل نكاحه ، فانسب ما يوجب الحرمة والصهر ، ما لا يوجبها.
وقيل : هو الصحيح النسب من القرابة والصهر الخلطة التي تشبه القرابة ، وهو السبب المحرم للنكاح ، وقد ذكرناه أن الله تعالى حرّم بالنسب سبعا وبالسبب سبعا في قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) [النساء : ٢٣]. (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً).
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧))
__________________
[١٥٦٨] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ أبو مصعب هو أحمد بن أبي بكر.
ـ وهو في «شرح السنة» ١١٦٤ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «الموطأ» ١ / ١٩٢ عن صالح بن كيسان بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٨٤٦ و ١٠٣٨ ومسلم ٧١ وأبو داود ٣٩٠٦ وأحمد ٤ / ١١٧ وأبو عوانة ١ / ٢٦ وابن حبان ١٨٨ وابن مندة ٥٠٣ من طرق عن مالك به.
ـ وأخرجه البخاري ٤١٤٧ و ٧٥٠٣ والنسائي ٣ / ١٦٥ وعبد الرزاق ٢١٠٠٣ والحميدي ٨١٣ وابن مندة ٥٠٤ و ٥٠٥ و ٥٠٦ والطبراني ٥٢١٣ ـ ٥٢١٦ وأبو عوانة ١ / ٢٧ من طرق عن صالح بن كيسان به.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «وجدرانهما».