(وَقَوْمَ نُوحٍ
لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً
وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ
الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ
الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى
الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها
بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (٤٠))
(وَقَوْمَ نُوحٍ
لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) ، أي : الرسول ، ومن كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع
الرسل ، فلذلك ذكر بلفظ الجمع. (أَغْرَقْناهُمْ
وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً) ، أي لمن بعدهم عبرة ، (وَأَعْتَدْنا
لِلظَّالِمِينَ) ، في الآخرة ، (عَذاباً أَلِيماً) ، سوى ما حل بهم من عاجل العذاب. (وَعاداً وَثَمُودَ) ، أي وأهلكنا عادا وثمود ، (وَأَصْحابَ الرَّسِ) ، اختلفوا فيهم.
قال وهب بن
منبه : كانوا أهل بئر قعودا عليها وأصحاب مواش يعبدون الأصنام فوجّه الله إليهم
شعيبا يدعوهم إلى الإسلام فتمادوا في طغيانهم [وانكبابهم على عبادة الأوثان] وفي
أذى شعيب عليهالسلام فبينما هم حوالي البئر في منازلهم فانهارت بهم البئر
فخسف الله بهم وبديارهم ورباعهم ، فهلكوا جميعا ، والرس : البئر وكل ركية لم تطو
بالحجارة والآجر فهو رس.
وقال قتادة
والكلبي : الرس بئر بأرض اليمامة قتلوا نبيّهم فأهلكهم الله عزوجل ، وقال بعضهم : هم بقية ثمود وقوم صالح ، وهم أصحاب البئر التي ذكر الله
تعالى في قوله : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ
وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) [الحج : ٤٥]. وقال سعيد بن جبير : كان لهم نبي يقال له حنظلة بن صفوان
فقتلوه فأهلكهم الله تعالى.
وقال كعب
ومقاتل والسدي : الرس [اسم] بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيب النجار ، وهم الذين
ذكرهم الله في سورة يس.
وقيل : هم
أصحاب الأخدود ، والرس هو الأخدود الذي حفروه [وأوقدوا فيه نارا وكانوا يلقون فيه
من آمن بالله.] وقال عكرمة : هم قوم رسّوا نبيهم في بئر [فمات فأهلكهم الله]. وقيل
: الرس المعدن وجمعه رساس ، (وَقُرُوناً بَيْنَ
ذلِكَ كَثِيراً) ، أي وأهلكنا قرونا كثيرا بين عاد وأصحاب الرس.
(وَكُلًّا ضَرَبْنا
لَهُ الْأَمْثالَ) ، أي الأشباه في إقامة الحجة عليهم ، فلم نهلكهم إلا
بعد الإنذار ، (وَكُلًّا تَبَّرْنا
تَتْبِيراً) ، أي أهلكنا إهلاكا. وقال الأخفش : كسرنا تكسيرا. قال
الزجاج : كل شيء كسرته وفتّته فقد تبّرته.
(وَلَقَدْ أَتَوْا
عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) ، يعني الحجارة وهي قريات قوم لوط وكانت خمس قرى فأهلك
الله أربعا منها نجت واحدة ، وهي أصغرها وكان أهلها لا يعملون العمل الخبيث
، (أَفَلَمْ يَكُونُوا
يَرَوْنَها) ، إذا مروا بهم في أسفارهم فيعتبروا ويتفكروا [إنما فعل
بهم] لأنّ مدائن قوم لوط كانت على طريقهم عن طريقهم ممرهم إلى الشام ، (بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ) ، لا يخافون ، (نُشُوراً) بعثا.
(وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ
يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ
كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ
يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ
__________________