محمد بن إسماعيل أنا الحميدي أنا سفيان أنا الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قال الله تعالى : «يؤذيني ابن آدم ، يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار».
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ) ، يعني في ذلك الذي ذكرت من هذه الأشياء ، (لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) ، يعني دلالة لذوي العقول والبصائر على قدرة الله تعالى وتوحيده.
قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ) ، قرأ حمزة والكسائي «خالق كل» بالإضافة ، وقرأ الآخرون «خلق كل» على الفعل ، (مِنْ ماءٍ) ، يعني من نطفة وأراد به كل حيوان يشاهد في الدنيا ولا يدخل فيه الملائكة ولا الجن ، لأنا لا نشاهدهم. وقيل : أصل جميع الخلق من الماء ، وذلك أن الله تعالى خلق ماء ثم جعل بعضه ريحا فخلق منها الملائكة ، وبعضه نارا فخلق منها الجن ، وبعضها طينا فخلق منها آدم ، (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) ، كالحيات والحيتان والديدان ، (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) ، مثل بني آدم والطير ، (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) ، كالبهائم والسباع ، ولم يذكر من يمشي على أكثر من أربع مثل حشرات الأرض لأنها في الصورة كالتي يمشي على الأربع ، وإنما قال : (مَنْ يَمْشِي) ، و «من» إنما تستعمل فيمن يعقل دون من لا يعقل من الحيات والبهائم ، لأنه ذكر كل دابة ، فدخل فيه الناس وغيرهم ، وإذا جمع اللفظ من يعقل ومن لا يعقل تجعل الغلبة لمن يعقل. (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢))
(لَقَدْ أَنْزَلْنا) ، إليك ، (آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
(وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا). يعني المنافقين. يقولونه ، (ثُمَّ يَتَوَلَّى) ، يعرض عن طاعة الله ورسوله ، (فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ، أي من بعد قولهم آمنا ، ويدعو إلى غير حكم الله. قال الله تعالى : (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ).
[١٥٤١] نزلت هذه الآية في بشر المنافق كان (١) بينه وبين رجل من اليهود خصومة في أرض ، فقال اليهودي : نتحاكم إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقال المنافق نتحاكم إلى كعب بن الأشرف ، فإن محمدا يحيف علينا ، فأنزل الله هذه الآية.
(وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) ، الرسول يحكم (٢) بحكم الله ، (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) ، يعني عن الحكم. وقيل : عن الإجابة.
__________________
[١٥٤١] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٤٥ بدون إسناد ، وتقدم في سورة النساء ، عند نحو هذه الآية ، فانظره.
(١) في المطبوع «كانت».
(٢) زيد في المطبوع «بحكم».