من في السماء والأرض ، (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) ، قال مجاهد : الصلاة لبني آدم ، والتسبيح لسائر الخلق. وقيل إن ضرب الأجنحة صلاة الطير وصوته تسبيحه. قوله : (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ) أي : كل مصل ومسبح علم الله صلاته وتسبيحه. وقيل : معناه كل مصل ومسبح منهم قد علم صلاة نفسه وتسبيحه ، (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ).
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ).
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي) ، يعني يسوق بأمره ، (سَحاباً) ، إلى حيث يريد ، (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) ، يعني يجمع (١) بين قطع السحاب المتفرقة بعضها إلى بعض ، (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) ، متراكما بعضه فوق بعض ، (فَتَرَى الْوَدْقَ) ، يعني المطر ، (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) ، وسطه وهو جمع الخلل ، كالجبال جمع الجبل. (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) ، يعني : ينزل البرد ، و «من» صلة ، وقيل : معناه وينزل من السماء من جبال أي مقدار جبال في الكثرة من البرد ، و «من» في قوله (مِنْ جِبالٍ) صلة أي : ينزل من السماء جبالا من برد. وقيل : معناه وينزل من جبال في (٢) السماء تلك الجبال من برد. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أخبر الله عزوجل أن في السماء جبالا من برد ، ومفعول الإنزال محذوف تقديره : وينزل من السماء من جبال فيها بردا (٣) ، فاستغنى عن ذكر المفعول للدلالة عليه. قال أهل النحو ذكر الله تعالى «من» ثلاث مرات في هذه الآية فقوله (مِنَ السَّماءِ) لابتداء الغاية لأن ابتداء الإنزال من السماء ، وقوله تعالى : (مِنْ جِبالٍ) للتبعيض لأن ما ينزله الله تعالى بعض تلك الجبال التي في السماء ، وقوله تعالى : (مِنْ بَرَدٍ) للجنس (٤) لأن تلك الجبال من جنس البرد. (فَيُصِيبُ بِهِ) ، يعني بالبرد (مَنْ يَشاءُ) ، [فيهلك زروعه وأمواله ، (وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ)](٥) ، فلا يضره ، (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ) ، يعني ضوء برق السحاب ، (يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) ، من شدة ضوئه وبريقه ، وقرأ أبو جعفر يذهب بضم الياء وكسر الهاء.
(يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (٤٤) وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٥))
(يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) ، يصرفهما في اختلافهما وتعاقبهما يأتي بالليل ويذهب بالنهار [ويأتي بالنهار](٦) ويذهب بالليل.
[١٥٤٠] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا
__________________
[١٥٤٠] ـ إسناد صحيح على شرط البخاري لتفرده عن الحميدي.
ـ الحميدي هو عبد الله بن الزبير ، سفيان بن عيينة ، الزهري محمد بن مسلم.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٢٨٢ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٨٢٦ عن الحميدي بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٧٤٩١ ومسلم ٢٢٤٦ ح ٢ وأبو داود ٥٢٧٤ وأحمد ٢ / ٢٣٨ والحميدي ١٠٩٦ وابن حبان ٥٧١٥ والبيهقي ٣ / ٣٦٥ من طريق عن سفيان به.
ـ وأخرجه مسلم ٢٢٤٦ وأحمد ٢ / ٢٧٥ من طريق عن الزهري به.
(١) في المطبوع «بجمع».
(٢) في المطبوع «من».
(٣) تصحف في المطبوع «برد».
(٤) في المطبوع «للتجنيس».
(٥) سقط من المخطوط.
(٦) سقط من المطبوع.