أمية الطرسوسي (١) أنا قبيصة بن عقبة أنا سفيان الثوري عن عبد الله بن عيسى عن عطاء الذي كان بالشام ، وليس بابن أبي رباح عن أسيد بن ثابت أو أبي أسيد (٢) الأنصاري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كلوا الزيت وادّهنوا به فإنه من شجرة مباركة».
قوله تعالى : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) ، أي : ليست شرقية وحدها حتى لا تصيبها الشمس إذا غريب ولا غربية وحدها فلا تصيبها الشمس بالغداة إذا طلعت ، بل هي ضاحية الشمس طول النهار تصيبها الشمس عند طلوعها وعند غروبها فتكون شرقية وغربية تأخذ حظها من الأمرين ، فتكون زيتها أضوأ وهذا كما يقال : فلان ليس بأسود ولا بأبيض يريد ليس بأسود خالص ولا بأبيض خالص ، بل اجتمع فيه كل واحد منهما ، وهذا الرمان ليس بحلو ولا حامض أي اجتمعت فيه الحلاوة والحموضة ، هذا قول ابن عباس في رواية عكرمة والكلبي ، والأكثرين. وقال السديّ وجماعة : معناه أنها ليست في مقتاة لا تصيبها الشمس ولا في مضحاة لا يصيبها الظل ، فهي لا تضرها شمس ولا ظل.
وقيل : معناه أنها معتدلة ليست في شرق يضرها الحر ، ولا في غرب يضرها البرد. وقيل : معناه هي شامية لأن الشام لا شرقي ولا غربي. وقال الحسن : ليست هذه من أشجار الدنيا ولو كانت في الدنيا لكانت شرقية أو غربية وإنما هو مثل ضربه الله لنوره. (يَكادُ زَيْتُها) ، دهنها ، (يُضِيءُ) ، من صفائه ، (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) ، أي : قبل أن تصيبه النار ، (نُورٌ عَلى نُورٍ) ، يعني نور المصباح على نور الزجاجة.
واختلف أهل العلم في معنى هذا التمثيل ، فقال بعضهم : وقع هذا التمثيل لنور محمد صلىاللهعليهوسلم ، قال ابن عباس لكعب الأحبار : أخبرني عن قوله تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ) قال كعب : هذا مثل ضربه الله لنبيه صلىاللهعليهوسلم ، فالمشكاة صدره والزجاجة قلبه والمصباح فيه النبوة توقد من شجرة مباركة هي شجرة النبوة ، يكاد نور محمد وأمره يتبين للناس ولو لم يتكلم أنه نبي كما يكاد ذلك الزيت يضيء ولو لم تمسسه نار.
وروى سالم عن ابن عمر في هذه الآية قال : المشكاة جوف محمد والزجاجة قلبه والمصباح النور الذي جعله الله فيه ، لا شرقية ولا غربية ، لا يهودي ولا نصراني ، توقد من شجرة مباركة إبراهيم نور على نور قلب إبراهيم ونور قلب محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقال محمد بن كعب القرظي : المشكاة إبراهيم والزجاجة إسماعيل والمصباح محمد صلوات الله عليهم أجمعين سماه الله مصباحا كما سماه سراجا ، فقال تعالى : (وَسِراجاً مُنِيراً) [الأحزاب : ٤٦] توقد من شجرة مباركة وهي إبراهيم وسماه مباركا (٣) لأن أكثر الأنبياء من صلبه ، لا شرقية ولا غربية يعني إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما ، لأن اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى تصلي قبل المشرق يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ، تكاد محاسن محمد صلىاللهعليهوسلم تظهر
__________________
مرسلا ، وأشار الترمذي إلى أن عبد الرزاق اضطرب في وصله وإرساله.
ـ وتوبع عبد الرزاق على وصله تابعه زمعة بن صالح عن زياد بن سعد عن زيد به ، وزمعة ضعيف ، لكن يصلح للاعتبار بحديثه.
ـ الخلاصة : هو حديث حسن صحيح بمجموع طرحه.
(١) تصحف في المطبوع «الطوسي».
(٢) تصحف في المطبوع «أسلم».
(٣) في المطبوع «مباركة».