عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاثة حق على الله عونهم المكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح يريد العفاف ، والمجاهد في سبيل الله».
وحكى محمد بن سيرين عن عبيدة : (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) أي : أقاموا الصلاة. وقيل : هو أن يكون العبد بالغا عاقلا ، أما الصبي والمجنون فلا تصح كتابتهما لأن الابتغاء منهما لا يصح ، وجوز أبو حنيفة كتابة الصبي المراهق. قوله سبحانه وتعالى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) ، اختلفوا فيه فقال بعضهم : هذا خطاب للموالي يجب على المولى أن يحط عن مكاتبه من مال كتابته شيئا ، وهو قول عثمان وعلي والزبير وجماعة ، وبه قال الشافعي ، ثم اختلفوا في قدره فقال قوم : «يحط عنه ربع مال الكتابة» (١) ، وهو قول علي ورواه بعضهم عن علي مرفوعا ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يحط عنه الثلث.
وقال الآخرون : ليس له حد بل عليه أن يحط عنه ما شاء ، وهو قول الشافعي ، قال نافع : كاتب عبد الله بن عمر غلاما له على خمسة وثلاثين ألف درهم فوضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم.
وقال سعيد بن جبير : كان ابن عمر إذا كاتب مكاتبه لم يضع عنه شيئا من أول نجومه مخافة أن يعجز فيرجع إليه صدقته ، ويضع من آخر كتابته ما أحب ، وقال بعضهم : هو أمر استحباب ، والوجوب أظهر [وقال](٢) قوم : أراد بقوله : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ) أي سهمهم الذي جعله الله لهم من الصدقات المفروضة (٣) ، بقوله تعالى : (وَفِي الرِّقابِ) [البقرة : ١٧٧] وهو قول الحسن وزيد بن أسلم ، وقال إبراهيم : هو حث لجميع الناس على معونتهم ، ولو مات المكاتب قبل أداء النجوم اختلف أهل العلم فيه فذهب كثير منهم إلى أنه يموت رقيقا وترتفع الكتابة سواء ترك مالا أو لم يترك ، كما لو تلف المبيع قبل القبض يرتفع البيع (٤) ، وهو قول عمر وابن عمر وزيد بن ثابت ، وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد ، وقال قوم : إن ترك وفاء بما بقي عليه من الكتابة كان حرا ، وإن كان فيه فضل فالزيادة لأولاده الأحرار ، وهو قول عطاء وطاوس والنخعي والحسن ، وبه قال مالك والثوري وأصحاب الرأي ولو كاتب عبده كتابة فاسدة يعتق بأداء المال لأن عتقه معلق بالأداء ، وقد وجد ويتبعه (٥) الأولاد والاكتساب كما في الكتابة الصحيحة ويفترقان في بعض الأحكام وهي أن الكتابة الصحيحة لا يملك المولى فسخها ما لم يعجز المكاتب عن أداء النجوم ، ولا تبطل بموت المولى ، ويعتق بالإبراء عن النجوم ، والكتابة الفاسدة يملك المولى فسخها قبل أداء المال ، حتى لو أدى المال بعد الفسخ لا يعتق ويبطل بموت
__________________
(١) ورد عن علي عن النبي صلىاللهعليهوسلم : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) قال : «ربع المكاتبة». وفي رواية «يترك للمكاتب الربع».
أخرجه النسائي في «الكبرى» ٥٠٣٤ و ٥٠٣٥ والحاكم ٢ / ٣٩٧ والبيهقي ١٠ / ٣٢٩.
وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي! مع أن في إسناده عطاء بن السائب ، وقد اختلط.
ـ وذكره الحافظ في «التلخيص» ٤ / ٢١٧ ونقل عن عبد الحق قوله : رواه ابن جريج عن عطاء بن السائب عن السلمي مرفوعا ، وابن جريج إنما سمع من عطاء بعد الاختلاط ، ورواية الوقف أصح.
الخلاصة : الصحيح موقوف ، والمرفوع ضعيف.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع «المفروضات».
(٤) في المخطوط «المبيع».
(٥) في المطبوع «وتبعه».