وذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى : (فَكاتِبُوهُمْ) أمر [وإيجاب](١) فيجب على المولى أن يكاتب عبده الذي علم فيه خيرا إذا سأل العبد ذلك ، على قيمته أو أكثر ، وإن سأل على أقل من قيمته فلا يجب ، وهو قول عطاء وعمرو بن دينار.
ولما روي أنّ سيرين سأل أنس بن مالك أن يكاتبه فتلكأ عنه فشكاه إلى عمر ، فعلاه بالدرة وأمره بالكتابة فكاتبه.
وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه أمر ندب واستحباب ، ولا تجوز الكتابة على أقل من نجمين عند الشافعي لأنه عقد جوّز إرفاقا بالعبد ، ومن تتمة الإرفاق أن يكون ذلك المال عليه إلى أجل حتى يؤديه على مهل فيحصل المقصود كالدية في قتل الخطأ وجبت على العاقلة على سبيل المواساة فكانت عليهم مؤجلة منجمة ، وجوّز أبو حنيفة الكتابة على نجم واحد حالّة. قوله تعالى : (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) ، اختلفوا في معنى الخير ، قال ابن عمر : قوة على الكسب. وهو قول مالك والثوري ، وقال الحسن ومجاهد والضحاك : مالا ، كقوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) [البقرة : ١٨٠] أي : مالا.
وروي أنّ عبدا لسلمان الفارسي قال له كاتبني ، قال : ألك مال؟ قال : لا قال : تريد أن تطعمني من أوساخ الناس ، ولم يكاتبه. قال الزجاج : لو أراد به المال لقال إن علمتم لهم خيرا ، وقال إبراهيم وابن زيد وعبيدة : صدقا وأمانة. قال طاوس وعمر وابن دينار : مالا وأمانة. وقال الشافعي : وأظهر معاني الخير في العبد الاكتساب مع الأمانة ، فأحب أن لا يمنع من كتابته إذا كان هكذا.
[١٥٣٣] أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني أنا أبو [محمد](٢) الحسن بن علي بن شريك الشافعي أنا عبد الله بن محمد بن مسلم أنا أبو بكر الجوربذي (٣) أنا يونس بن عبد الأعلى أنا ابن وهب أخبرني الليث
__________________
ـ وأخرجه أبو داود ٣٩٢٧ والبيهقي ١٠ / ٣٢٤ وأحمد ٢ / ١٨٤ من طريق الجريري.
ـ وأخرجه الترمذي ١٢٦٠ من طريق يحيى بن أبي أنيسة ثلاثتهم عن عمرو بن شعيب به وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم ا ه.
فهذا الحديث يتقوى بهذه الروايات ، وإن كان فيها مقال ، وحديث عمرو بن شعيب من سلسلة الحسن عند الجمهور ، فالحديث حسن إن شاء الله ، والله أعلم.
[١٥٣٣] ـ حسن ، إسناده حسن لأجل محمد بن عجلان ، فهو صدوق ، وحديثه ينحط عن الصحيح ، ابن وهب هو عبد الله ، الليث هو ابن سعد ، ابن عجلان هو محمد.
ـ وهو في «شرح السنة» ٢٢٣٢ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه الترمذي ١٦٥٥ والنسائي ٦ / ٦١ عن قتيبة عن الليث بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه النسائي ٦ / ١٥ ـ ١٦ وابن ماجه ٢٥١٨ وأحمد ٢ / ٢٥١ و ٢٣٧ والحاكم ٢ / ٢١٦٠ وابن حبان ٤٠٣٠ والبيهقي ٧ / ٧٨ من طرق عن ابن عجلان به.
ـ وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي! وقال الترمذي : هذا حديث حسن.
وهو كما قال ، ولم يرو مسلم لابن عجلان في الأصول ، وإنما روى له متابعة ، وقد ذكر ذلك الذهبي في «الميزان» في ترجمة ابن عجلان ، واضطرب الحافظ ، فقال في «التقريب» / م عو. أي روى له مسلم وأصحاب السنن ، في حين قال في «التهذيب» روى له مسلم في الشواهد.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) تصحف في المطبوع «الجورمندي».