(فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) ، أي : التمس وطلب سوى الأزواج والولائد المملوكة ، (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) ، الظالمون المتجاوزون من الحلال والحرام ، وفيه دليل على أن الاستمناء باليد حرام ، وهو قول أكثر العلماء. قال ابن جريج : سألت عطاء عنه فقال : مكروه ، سمعت أنّ قوما يحشرون وأيديهم حبالى فأظن أنهم هؤلاء. وعن سعيد بن جبير قال : عذب الله أمّة كانوا يعبثون بمذاكيرهم.
(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ) ، قرأ ابن كثير «لأمانتهم» على التوحيد هاهنا وفي سورة المعارج [٣٢] ، لقوله تعالى : (وَعَهْدِهِمْ) والباقون بالجمع ، كقوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) [النساء : ٥٨] ، (وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) ، حافظون ، أي يحفظون ما ائتمنوا عليه ، والعقود التي عاقدوا الناس عليها ، يقومون بالوفاء بها ، والأمانات تختلف فتكون بين الله تعالى وبين العباد كالصلاة والصيام والعبادات التي أوجبها الله عليه ، وتكون [بين العباد](١) كالودائع والصنائع فعلى العبد الوفاء بجميعها.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ) ، قرأ حمزة والكسائي : «صلاتهم» على التوحيد ، والآخرون صلواتهم على الجمع. (يُحافِظُونَ) ، أي : يداومون على حفظها ويراعون أوقاتها ، كرر ذكر الصلاة ليبين أن المحافظة عليها واجبة كما أن الخشوع فيها واجب.
(أُولئِكَ) ، أهل هذه الصفة ، (هُمُ الْوارِثُونَ) ، يرثون منازل أهل النار من الجنة.
[١٤٧٩] وروي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار ، فإن مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله» وذلك قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) (١٠). وقال مجاهد : لكل واحد منزلان (٢) منزل في الجنة ومنزل في النار ، فأما المؤمن فيبني منزله الذي له في الجنة ويهدّم منزله الذي له في النار ، وأما الكافر فيهدم منزله الذي [له](٣) في الجنة ويبني منزله الذي في النار. وقال بعضهم : معنى الوارثة هو أنه يؤول أمرهم إلى الجنة وينالونها كما يؤول أمر الميراث إلى الوارث.
(الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤))
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) ، وهو أعلى الجنة قد ذكرناه في سورة الكهف ، (هُمْ فِيها خالِدُونَ) ، لا يموتون ولا يخرجون.
[١٤٨٠] وجاء في الحديث : «إن الله تعالى خلق ثلاثة أشياء بيده خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده
__________________
فالرجل غير مشهور بحمل العلم.
[١٤٧٩] ـ تقدم في تفسير سورة الأعراف عند آية : ٤٣.
[١٤٨٠] ـ ضعيف جدا. أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» ١٠٣٢ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٦٩٢ وأبو نعيم في «صفة الجنة» ٢٣ والواحدي في «الوسيط» ٣ / ٢٨٥ من طريق عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن أبيه مرسلا فهذه علة.
(١) في المطبوع «من العبيد».
(٢) في المطبوع «منزلا».
(٣) زيادة عن المخطوط.