عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال [له](١) «اركبها ، فقال [يا رسول الله](٢) إنها بدنة ، فقال : اركبها (٣) ، ويلك ، في الثانية أو الثالثة» [١٤٦٢] وكذلك قال له : «اشرب لبنها بعد ما فضل من ريّ ولدها».
وقال أصحاب الرأي : لا يركبها. وقال قوم : لا يركبها إلا أن يضطر إليه. وقال بعضهم : أراد بالشعائر المناسك ومشاهدة مكة ، (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) بالتجارة والأسواق (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ، وهو الخروج من مكة. وقيل : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) بالأجر والثواب في قضاء المناسك (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ، أي : إلى انقضاء أيام الحج ، (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي : منحرها عند البيت العتيق ، يريد أرض الحرم كلها ، كما قال : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) [التوبة : ٢٨] أي : الحرم كله.
[١٤٦٣] وروي عن جابر في قصة حجة الوداع أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «نحرت هاهنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم».
ومن قال الشعائر المناسك قال معنى قوله : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي : محل الناس من إحرامهم إلى البيت العتيق ، أي : أن يطوفوا به طواف الزيادة يوم النحر.
قال الله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) ، يعني جماعة مؤمنة سلفت قبلكم ، (جَعَلْنا مَنْسَكاً) ، قرأ حمزة والكسائي بكسر السين هاهنا وفي آخر السورة ، على معنى الاسم مثل المجلس (٤) والمطلع ، يعني مذبحا وهو موضع القربان ، وقرأ الآخرون بفتح السين على المصدر ، مثل المدخل والمخرج يعني إهراق (٥) الدماء وذبح القرابين ، (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) ، عند نحرها وذبحها وسماها بهيمة لأنها لا تتكلم ، وقال : (بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) وقيدها بالنّعم لأن من البهائم ما ليس من الأنعام كالخيل والبغال والحمير ، لا يجوز ذبحها في القرابين. (فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) ، أي : سموا على الذبائح اسم الله وحده فإن إلهكم إله واحد ، (فَلَهُ أَسْلِمُوا) ، انقادوا وأطيعوا ، (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) ، قال ابن عباس وقتادة : المتواضعين. وقال مجاهد : المطمئنين إلى الله عزوجل ، والخبت المكان المطمئن من الأرض. وقال الأخفش : الخاشعين. وقال النخعي : المخلصين. وقال الكلبي : هم الرقيقة قلوبهم. وقال عمرو (٦) بن
__________________
ـ وأخرجه البخاري ١٦٨٩ و ٦١٦٠ ومسلم ١٣٢٢ ح ٣٧١ وأبو داود ١٧٦٠ والنسائي ٥ / ١٧٦ وأحمد ٢ / ٤٨٧ وابن الجارود في «المنتقى» ٤٢٨ والبيهقي ٥ / ٢٣٦ من طرق عن مالك به.
[١٤٦٢] ـ لم أره مرفوعا. وإنما أخرجه مالك ١ / ٣٧٨ ومن طريقه البيهقي ٥ / ٢٣٦ عن هشام بن عروة : أن أباه قال : إذا اضطرت إلى بدنتك فاركبها ركوبا غير فادح ، وإذا اضطررت إلى لبنها ، فاشرب بعد ما يروى فصيلها ، فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها.
ـ وكذا ذكره المصنف في «شرح السنة» ٤ / ١١٦ من قول عروة بن الزبير.
فلعل البغوي سبق قلمه هاهنا ، فجعله مرفوعا.
[١٤٦٣] ـ هو بعض حديث جابر في صفة حجة النبي صلىاللهعليهوسلم وقد تقدم برقم ١٤٥١ أخرجه مسلم وغيره.
(١) سقط من المطبوع.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) زيد في المطبوع «فقال إنها بدنه اركبها».
(٤) في المطبوع «المسجد».
(٥) في المطبوع «إراقة».
(٦) تصحف في المطبوع «عمر» وفي المخطوط «عروة» والمثبت عن «الدر المنثور» ٤ / ٦٤٩ وكتب التراجم.