والأكثرون السجل الصحيفة للكتب أي لأجل ما كتب معناه [هو](١) كطي الصحيفة على مكتوبها ، والسجل اسم مشتق من المساجلة وهي المكاتبة ، والطي الدرج الذي هو ضد النشر ، (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) ، أي كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلا كذلك نعيدهم يوم القيامة ، نظيره قوله تعالى : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) [الأنعام : ٩٤].
[١٤٤٢] وروينا (٢) عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنكم محشورون حفاة عراة غرلا» ، ثم قرأ : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) ، يعني الإعادة والبعث.
(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) ، قال سعيد بن جبير ومجاهد : الزبور جميع الكتب المنزلة ، والذكر أمّ الكتاب الذي عنده ، والمعنى من بعد ما كتب ذكره في اللوح المحفوظ. قال ابن عباس والضحاك : الزبور التوراة والذكر الكتب المنزلة من بعد التوراة. وقال الشعبي : الزبور كتاب داود ، والذكر التوراة. وقيل : الزبور زبور داود والذكر القرآن ، وبعد بمعنى قبل ، كقوله تعالى : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) [الكهف : ٧٩] : أي أمامهم ، (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٣٠) [النازعات : ٣٠] أي : قبله ، (أَنَّ الْأَرْضَ) ، يعني أرض الجنة ، (يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) ، قال مجاهد : يعني أمة محمد صلىاللهعليهوسلم دليله قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) [الزمر : ٧٤] وقال ابن عباس : أراد أن أراضي الكفار يفتحها المسلمون وهذا حكم من الله بإظهار الدين وإعزاز المسلمين. وقيل : أراد بالأرض الأرض المقدسة.
(إِنَّ فِي هذا) ، أي في هذا القرآن ، (لَبَلاغاً) ، وصولا إلى البغية أي من اتبع القرآن ، وعمل به وصل إلى ما يرجوه من الثواب. وقيل : بلاغا أي كفاية. يقال في هذا الشيء بلاغ وبلغة أي كفاية ، والقرآن زاد الجنة كبلاغ المسافر ، (لِقَوْمٍ عابِدِينَ) ، أي مؤمنين الذين يعبدون الله [عزوجل](٣). وقال ابن عباس : عالمين. وقال كعب الأحبار : هم أمة محمد صلىاللهعليهوسلم أهل الصلوات الخمس وصوم (٤) شهر رمضان.
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١٠٧) ، قال ابن زيد : يعني رحمة للمؤمنين خاصة فهو رحمة لهم. وقال ابن عباس : هو عام في حق من آمن ومن لم يؤمن فمن آمن فهو رحمة له في الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن فهو رحمة له في الدنيا بتأخير العذاب عنهم ورفع المسخ والخسف والاستئصال عنهم.
[١٤٤٣] وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّما أنا رحمة مهداة».
__________________
[١٤٤٢] ـ تقدم في تفسير سورة الكهف عند آية : ٤٨.
[١٤٤٣] ـ أخرجه البزار ٢٣٦٩ والطبراني في «الصغير» ٢٦٤ والبيهقي في «الدلائل» ١ / ١٥٧ ـ ١٥٨ من حديث أبي هريرة.
وإسناده حسن ، رجاله ثقات رجال الشيخين لكن في مالك بن سعير مقال.
ـ وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ١ / ١٥١ عن معيد بن خالد.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «وروى».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيد «صوم» في المطبوع.