مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) ، أي نشز وتل ، والحدب المكان المرتفع ، (يَنْسِلُونَ) ، يسرعون النزول من الآكام والتلال كنسلان الذئب ، وهو سرعة مشيه ، واختلفوا في هذه الكناية ، فقال قوم : عنى بها يأجوج ومأجوج بدليل ما :
[١٤٣٩] روينا عن النواس بن سمعان عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ويبعث الله يأجوج ومأجوج [وهم](١) من كل حدب ينسلون».
وقال قوم : أراد جميع الخلائق (٢) يعني أنهم يخرجون من قبورهم ، ويدل عليه قراءة مجاهد وهم من كل جدث بالجيم والثاء كما قال : (فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) [يس : ٥١].
[١٤٤٠] أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني أنا عبد الغافر بن محمد الفارسي أنا محمد بن عيسى الجلودي أنا إبراهيم بن محمد بن سفيان أنا مسلم بن الحجاج أنا أبو خيثمة زهير بن حرب أنا سفيان بن عيينة عن فرات القزاز عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال اطّلع النبي صلىاللهعليهوسلم علينا ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : ما تذكرون؟ قالوا : نذكر الساعة. قال : «إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات ، فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق (٣) وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم».
قوله تعالى : (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) ، يعني [يوم](٤) القيامة ، قال الفراء وجماعة : الواو في قوله (وَاقْتَرَبَ) مقحمة فمعناه حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحق ، كما قال الله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ) [الصافات : ١٠٣] أي ناديناه.
والدليل عليه ما روي عن حذيفة قال : لو أن رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة.
وقال قوم : لا يجوز طرح الواو ، وجعلوا جواب حتى إذا فتحت في قوله يا ويلنا ، فيكون مجاز الآية : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج واقترب الوعد الحق ، قالوا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا. قول : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وفي (٥) قوله : (هي) ثلاثة أوجه أحدها أنها كناية عن
__________________
[١٤٣٩] ـ تقدم في تفسير سورة الكهف عند آية ٩٨.
[١٤٤٠] ـ إسناده صحيح ، رجاله رجال البخاري ومسلم سوى صحابيه ، فقد تفرد عنه مسلم.
ـ فرات هو ابن أبي عبد الرحمن القزاز ، أبو الطفيل هو عامر بن واثلة.
ـ وهو في «شرح السنة» ٤١٤٥ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح مسلم» ٢٩٠١ ح ٣٩ عن زهير بن حرب بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه مسلم ٤٩٠١ وأبو داود ٤٣١١ والترمذي ٢١٨٣ والنسائي في «الكبرى» ١١٣٨٠ و ١١٤٨٢ وابن ماجه ٤٠٤١ والطيالسي ١٠٦٧ وأحمد ٤ / ٦ و ٧ والحميدي ٨٢٧ وابن أبي شيبة ١٥ / ١٦٣ وابن حبان ٦٧٩١ والطبراني ٣٠٢٩ ـ ٣٠٣٣ من طرق عن فرات القزاز به.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «الخلق».
(٣) في المطبوع تقدم وتأخير «بالمغرب ـ بالمشرق».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع «وهي».