العذاب الذي كانوا يسومونهم ، (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) ، يتركوهن أحياء (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ).
(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠))
(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ) ، أي : أعلم ، يقال : أذن وتأذن بمعنى واحد ، مثل أوعد وتوعد ، (لَئِنْ شَكَرْتُمْ) نعمتي فآمنتم وأطعتم (لَأَزِيدَنَّكُمْ) في النعمة.
وقيل : الشكر قيد الموجود وصيد المفقود.
وقيل : لئن شكرتم بالطاعة لأزيدنكم في الثواب. (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ) ، نعمتي فجحدتموها ولم تشكروها ، (إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ).
(وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)) ، أي : غني عن خلقه حميد محمود في أفعاله لأنه فيها متفضل و (١) عادل.
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ) ، خبر الذين ، (مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ) ، يعني : من كان بعد قوم نوح وعاد وثمود.
روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه [قرأ هذه الآية ثم قال](٢) : كذب النسابون.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : بين إبراهيم وبين عدنان ثلاثون قرنا لا يعلمهم إلا الله تعالى.
وكان مالك بن أنس يكره أن ينسب الإنسان نفسه أبا أبا إلى آدم ، وكذلك في حق النبي صلىاللهعليهوسلم لأنه لا يعلم أولئك الآباء أحد إلّا الله عزوجل. (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالدلالات الواضحات ، (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) ، قال ابن مسعود : عضوا على أيديهم غيظا كما قال : (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) [آل عمران : ١١٩]. قال ابن عباس : لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم. قال مجاهد وقتادة : كذبوا الرسل وردوا ما جاءوا به ، يقال : رددت قول فلان في فيه أي كذبته. وقال الكلبي : يعني أن الأمم ردوا أيديهم (٣) في أفواه أنفسهم أي وضعوا الأيدي على الأفواه إشارة إلى الرسل أن اسكتوا. وقال مقاتل : فردوا أيديهم على أفواه الرسل يسكتونهم بذلك. وقيل : إن الأيدي بمعنى النعم معناه : ردوا ما لو قبلوا كانت أيادي ونعما في أفواههم أي : بأفواههم يعني بألسنتهم. (وَقالُوا) يعني الأمم للرسل ، (إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) ، موجب للريبة موقع للتهمة.
__________________
(١) في المخطوط «أو».
(٢) العبارة في المطبوع وحده «قال بعد ما قرأ هذه الآية».
(٣) زيد في المطبوع «في أفواههم أي».