التي](١) كان أهلها يأتون الذكران في أدبارهم ويتضارطون في أنديتهم مع أشياء أخر ، كانوا يعملونها من المنكرات ، (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ).
(وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٧٥).
(وَنُوحاً إِذْ نادى) ، دعا ، (مِنْ قَبْلُ) ، يعني من قبل إبراهيم ولوط ، (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) ، قال ابن عباس : من الغرق وتكذيب قومه. وقيل : لأنه كان أطول الأنبياء عمرا وأشدهم بلاء والكرب أشد الغم.
(وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧) وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ (٧٩))
(وَنَصَرْناهُ) ، منعناه ، (مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) ، أن يصلوا إليه بسوء. وقال أبو عبيدة : يعني على القوم ، (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ).
قوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) ، اختلفوا في الحرث ، قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم وأكثر المفسرين : كان الحرث كرما قد تدلّت عناقيده. وقال قتادة : كان زرعا ، (إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) ، يعني رعته ليلا فأفسدته ، والنفش الرعي بالليل والهمل بالنهار وهما الرعي بلا راع ، (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) ، يعني كان ذلك بعلمنا وبمرأى منّا لا يخفى علينا علمه. قال الفراء [هو](٢) جمع اثنين ، فقال لحكمهم وهو يريد داود وسليمان لأن الاثنين جمع وهو مثل قوله : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) [النساء : ١١] ، وهو يريد أخوين.
قال ابن عباس وقتادة والزهري : وذلك أن رجلين دخلا على داود أحدهما صاحب حرث (٣) والآخر صاحب غنم ، فقال صاحب الزرع إن هذا انفلتت غنمه ليلا ووقعت في حرثي فأفسدته فلم يبق منه شيء فأعطاه داود رقاب الغنم بالحرث ، فخرجا فمرا على سليمان فقال : كيف قضى بينكما فأخبراه ، فقال سليمان لو وليت أمركما (٤) لقضيت [بينكما](٥) بغير هذا.
وروي أنه قال غير هذا أرفق بالفريقين فأخبر بذلك داود فدعاه فقال كيف تقضي؟ ويروى أنه قال [له](٦) بحق النبوة والأبوة إلا أخبرتني بالذي هو أرفق بالفريقين ، قال : ادفع الغنم إلى صاحب الحرث ينتفع بدرها ونسلها وصوفها ومنافعها ويبذر صاحب الغنم لصاحب الحرث مثل حرثه ، فإذا صار الحرث كهيئته يوم أكل دفع إلى أهله وأخذ صاحب الغنم غنمه ، فقال داود القضاء ما قضيت وحكم بذلك. وقيل : إن سليمان يوم حكم بذلك كان ابن إحدى عشرة سنة ، وأما حكم الإسلام في هذه المسألة أن ما أفسدت الماشية المرسلة بالنهار من مال الغير فلا ضمان على ربها ، وما أفسدته بالليل ضمنه ربها (٧) لأن في عرف الناس أن أصحاب الزرع يحفظونه بالنهار ، والمواشي تسرح بالنهار وترد بالليل إلى المراح.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «زرع».
(٤) في المطبوع «أمرهما».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المطبوع «ضمنته بها».