وقال محمد بن إسحاق : استجاب لإبراهيم رجال من قومه حين رأوا ما صنع الله به من جعل النار عليه بردا وسلاما على خوف من نمرود وملئه وأمن به لوط ، وكان ابن أخيه وهو لوط بن هاران بن تارخ ، وهاران هو أخو إبراهيم وكان لهما أخ ثالث يقال له تاخور بن تارخ ، وآمنت به أيضا سارة وهي بنت عمه وهي سارة بنت هاران الأكبر ، عم إبراهيم فخرج من كوثى من أرض العراق مهاجرا إلى ربه ، ومعه لوط وسارة ، كما قال الله تعالى : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) [العنكبوت : ٢٦] ، فخرج يلتمس الفرار بدينه والأمان على عبادة ربه ، حتى نزل حران فمكث بها ما شاء الله ، ثم خرج منها مهاجرا حتى قدم مصر ، ثم خرج من مصر إلى الشام ، فنزل السبع من أرض فلسطين ، وهي برية (١) الشام ، ونزل لوط بالمؤتفكة وهي من السبع على مسيرة يوم وليلة ، أو أقرب ، فبعثه الله نبيا فذلك قوله تعالى : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) (٧١).
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ (٧٣) وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (٧٤) وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦))
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) ، قال مجاهد وعطاء : معنى النافلة العطية وهما جميعا من عطاء الله نافلة يعني عطاء. وقال الحسن والضحاك : فضلا. وعن ابن عباس وأبيّ بن كعب وابن زيد وقتادة رضي الله عنهم : النافلة هو يعقوب لأن الله عزوجل أعطاه إسحاق بدعائه حيث قال : (هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) [الصافات : ١٠٠] ، وزاده (٢) يعقوب وهو ولد الولد ، والنافلة الزيادة ، (وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ) ، يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
(وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) ، يقتدى بهم في الخير (٣) يهدون بأمرنا يدعون الناس إلى ديننا ، (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) ، يعني العمل بالشرائع ، (وَإِقامَ الصَّلاةِ) ، يعني المحافظة عليها ، (وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) ، إعطاءها ، (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) ، موحدين.
(وَلُوطاً آتَيْناهُ) ، يعني وآتينا لوطا ، وقيل : واذكر لوطا آتيناه ، (حُكْماً) ، يعني الفصل بين الخصوم بالحق ، (وَعِلْماً) ، (وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ) ، يعني سدوما و [هي القرية
__________________
ـ وأخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» ٩٧١ من حديث ابن عمر ، وفي إسناده راو لم يسم ، ومع ذلك هو شاهد لما قبله.
ـ وأخرجه أحمد ٣ / ٨٤ من طريق أبي جناب عن شهر بن حوشب قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...
وأبو جناب ضعيف.
ـ الخلاصة : هو حديث حسن بطرقه وشاهده ، والله أعلم.
(١) في المخطوط «وهو يريد».
(٢) في المطبوع «وزاد».
(٣) في المطبوع «الخيرات».