يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً) ، إن عبدتموه ، (وَلا يَضُرُّكُمْ) ، إن تركتم عبادته.
(أُفٍّ لَكُمْ) ، يعني تبا وقذرا لكم ، (وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) ، يعني أليس لكم عقل تعرفون به هذا ، فلما لزمتهم الحجة وعجزوا عن الجواب :
(قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) (٦٨) ، يعني إن كنتم ناصرين لها ، وقال ابن عمر رضي الله عنهما : إن الذي قال هذا رجل من الأكراد. وقيل : إن اسمه هيزن فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ، قيل : قاله (١) نمرود ، فلما أجمع نمرود وقومه على إحراق إبراهيم عليهالسلام حبسوه في بيت وبنوا له بنيانا كالحظيرة. وقيل : بنوا أتونا بقرية يقال لها كوثى ثم جمعوا له صلاب الحطب من أصناف الخشب مدة حتى كان الرجل يمرض فيقول لئن عافاني الله لأجمعنّ حطبا لإبراهيم ، وكانت المرأة تنذر في بعض ما تطلب لئن أصابته لتحطبن في نار إبراهيم ، وكان الرجل يوصي بشراء الحطب وإلقائه فيها وكانت المرأة تغزل وتشتري الحطب بغزلها ، فتلقيه فيه احتسابا [في دينها](٢). قال ابن إسحاق : كانوا يجمعون الحطب شهرا فلما جمعوا ما أرادوا أشعلوا في كل ناحية من الحطب النار فاشتعلت النار [فيه](٣) واشتدت حتى إن كان الطير ليمرّ بها [فتخطفه](٤) فيحترق من شدة وهجها ، فأوقدوا عليها سبعة أيام.
روي أنهم لم يعلموا كيف يلقونه فيها فجاء إبليس فعلمهم عمل المنجنيق [ليتوصلوا إلى إلقائه فيها](٥) فعملوه ثم عمدوا إلى إبراهيم فرفعوه على رأس البنيان وقيّدوه ثم وضعوه في المنجنيق مقيدا مغلولا ، فصاحت السماء والأرض ومن فيها من الملائكة وجميع الخلق إلا الثقلين صيحة واحدة [وضجت ضجة عظيمة](٦) ، أي ربنا إبراهيم خليلك يلقى في النار وليس في أرضك أحد يعبدك غيره فأذن لنا في نصرته ، فقال الله عزوجل : إنه خليلي ليس لي غيره خليل ، وأنا إلهه وليس له إله غيري ، فإن استغاث بشيء منكم أو دعاه فلينصره فقد أذنت له في ذلك ، وإن لم يدع غيري فأنا أعلم به وأنا وليه فخلوا بيني وبينه ، فلما أرادوا إلقاءه في النار أتاه خازن المياه فقال [له](٧) إن أردت أخمدت النار ، وأتاه خازن الرياح فقال : إن شئت طيرت النار في الهواء ، فقال إبراهيم : لا حاجة لي إليكم حسبي الله ونعم الوكيل.
وروي عن أبيّ بن كعب أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار قال : لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك لا شريك لك ، ثم رموا به في المنجنيق إلى النار ، فاستقبله جبريل فقال يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال : [إبراهيم](٨) أمّا إليك فلا ، فقال جبريل فسل ربك ، فقال إبراهيم حسبي من سؤالي علمه بحالي.
__________________
(١) في المطبوع «له».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) زيادة عن المخطوط.
(٨) زيادة عن المخطوط.