يجارون ، تقول العرب : أنا لك جار وصاحب من فلان ، أي مجير منه. وقال مجاهد
: ينصرون ويحفظون. وقال قتادة : لا يصحبون من الله بخير.
(بَلْ مَتَّعْنا
هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا
نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤) قُلْ
إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما
يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ
يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦) وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ
لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ
مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى
وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ
يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩))
(بَلْ مَتَّعْنا
هؤُلاءِ) ، الكفار ، (وَآباءَهُمْ) ، في الدنيا أي أمهلناهم. وقيل : أعطيناهم النعمة ، (حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) ، أي امتدّ بهم الزمان فاغتروا ، (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي
الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) ، أي ما ننقص من أطراف المشركين ونزيد في أطراف المؤمنين
، يريد ظهور النبي صلىاللهعليهوسلم وفتحه ديار الشرك أرضا فأرضا ، (أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) ، أم نحن.
(قُلْ إِنَّما
أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) ، أي أخوفكم بالقرآن ، (وَلا يَسْمَعُ
الصُّمُّ الدُّعاءَ) ، قرأ ابن عامر [تسمع] بالتاء وضمها وكسر الميم ، (الصُّمُ) نصب ، على الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وقرأ الآخرون بالياء وفتحها وفتح الميم ، (الصُّمُ) رفع ، (إِذا ما يُنْذَرُونَ) ، يخوّفون.
(وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ) ، أصابتهم (نَفْحَةٌ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : طرف. وقيل : قليل. وقال ابن جريج :
نصيب ، من قولهم نفح فلان لفلان من ماله أي أعطاه حظا ونصيبا منه. وقيل : ضربة من
قولهم نفحت الدابة برجلها إذا ضربت بها ، (مِنْ عَذابِ رَبِّكَ
لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) ، أي بإهلاكنا إنّا كنّا مشركين ، دعوا على أنفسهم
بالويل بعد ما أقروا بالشرك.
(وَنَضَعُ
الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) ، أي ذوات القسط والقسط العدل ، (لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ
نَفْسٌ شَيْئاً) ، أي : لا ينقص من ثواب حسناتها ولا يزاد على سيئاتها ،
وفي الأخبار : إن الميزان له لسان وكفتان . روي أن داود عليهالسلام سأل ربه أن يريه الميزان فأراه كل كفة [قدر] ما بين المشرق والمغرب ، فغشي عليه ، فلما أفاق قال :
يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات؟ قال : يا داود إني إذا رضيت عن عبدي
ملأتها بتمرة ، (وَإِنْ كانَ) ، الشيء ، (مِثْقالَ حَبَّةٍ) ، أي زنة مثقال حبة ، (مِنْ خَرْدَلٍ) ، قرأ أهل المدينة (مثقال) برفع اللام هاهنا وفي سورة
لقمان [١٦] ، يعني وإن وقع مثقال حبة من خردل ، ونصبها الآخرون على معنى وإن كان
ذلك الشيء مثقال حبة [أي زنة مثقال حبة] من خردل ، (أَتَيْنا بِها)
__________________