وهو الأفضل ، حدث (١) الشعبي عن علي ، قال : يصرفان وجوه الناس إليهما. وقال قتادة : طريقتهم المثلى كان بنو إسرائيل يومئذ أكثر القوم عددا وأموالا ، فقال عدو الله : يريد أن يذهبا بهم لأنفسهم. وقيل : بطريقتكم بسنتكم ودينكم الذي أنتم عليه ، والمثلى نعت الطريقة ، تقول العرب : فلان على الطريقة المثلى ، يعني على الصراط المستقيم.
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) ، قرأ أبو عمرو فأجمعوا بوصل الألف وفتح الميم ، من الجمع (٢) أي لا تدعوا شيئا (٣) من كيدكم إلّا جئتم به ، بدليل قوله : [(فجمع كيده وقرأ الآخرون بقطع الألف وكسر الميم فقد قيل : معناه الجمع أيضا تقول العرب أجمعت الشيء)](٤) وجمعته بمعنى واحد ، والصحيح أن معناه العزم والإحكام ، أي اعزموا كلكم على كيده مجتمعين له ولا تختلفوا فيختل أمركم ، (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) أي جميعا ، قاله مقاتل والكلبي ، وقال قوم أي مصطفين مجتمعين ليكون أشد لهيبتكم ، وقال أبو عبيدة (٥) : الصف المجتمع ، ويسمى المصلى صفا معناه ثم ائتوا المكان الموعود (٦) صفا ، (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) ، أي فاز من غلب.
(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (٦٥) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (٦٦) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (٦٧) قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (٦٨) وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (٦٩) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١))
(قالُوا) ، يعني السحرة ، (يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) ، عصاك ، (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) ، عصاه (٧).
(قالَ) ، موسى ، (بَلْ أَلْقُوا) ، أنتم أولا ، (فَإِذا حِبالُهُمْ) ، وفيه إضمار ، أي فألقوا فإذا حبالهم ، (وَعِصِيُّهُمْ) ، جمع العصا ، (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ) ، قرأ ابن عامر ويعقوب تخيل بالتاء رد إلى الحبال والعصي ، وقرأ الآخرون بالياء ردوه إلى الكيد والسحر ، [(مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) ، حتى تظن أنها تسعى أي تمشي وذلك أنهم كانوا لطخوا حبالهم وعصيّهم بالزئبق ، فلما أصابه حرّ الشمس انهمست واهتزت فظن موسى أنها تقصده](٨) وفي القصة أنهم لما ألقوا الحبال والعصي أخذوا أعين الناس فرأى موسى والقوم كأنّ الأرض امتلأت حيات ، وكانت قد أخذت ميلا من كل جانب ورأوا أنها تسعى [وهو قوله يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى](٩).
__________________
(١) في المطبوع «حديث».
(٢) في المخطوط «المجمع».
(٣) في المطبوع «أشياء».
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) في المطبوع «عبدة».
(٦) في المطبوع «الموعد».
(٧) في المطبوع «عصيّنا».
(٨) زيد في المطبوع.
(٩) زيادة عن المخطوط.