والسلام اسم جامع للخير لأنه يتضمن السلامة ، معناه إن أهل الجنة لا يسمعون ما يؤثمهم ، إنما يسمعون ما يسلمهم. وقيل : هو تسليم بعضهم على بعض وتسليم الملائكة عليهم. وقيل : هو تسليم الله عليهم ، (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) ، قال أهل التفسير : ليس في الجنة ليل يعرف به البكرة والعشي ، بل هم في نور أبدا ولكنهم يؤتون بأرزاقهم على مقدار طرفي النهار. وقيل : إنهم يعرفون وقت النهار برفع الحجب ، ووقت الليل بإرخاء الحجب (١) ، وقيل : المراد منه رفاهية العيش وسعة الرزق من غير تضييق ، وكان الحسن البصري يقول : كانت العرب لا تعرف من العيش أفضل من الرزق بالبكرة والعشي ، فوصف الله عزوجل (٢) جنته بذلك.
(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣) وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥) وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧))
(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا) أي نعطي وننزل. وقيل : يورث عباده المؤمنين المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا ، (مَنْ كانَ تَقِيًّا) ، أي المتقين من عباده.
(وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ).
[١٣٩٧] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا خلاد بن يحيى أنا عمر بن ذر قال : سمعت أبي يحدث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا» فنزلت : (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا) الآية.
قال (٣) : كان هذا الجواب لمحمد صلىاللهعليهوسلم.
[١٣٩٨] وقال عكرمة والضحاك وقتادة ومقاتل والكلبي : احتبس جبريل عن النبي صلىاللهعليهوسلم حين سأله قومه
__________________
[١٣٩٧] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.
ذرّ والد عمر هو ابن عبد الله بن زرارة الهمداني.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٦٣٤ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٧٤٥٥ عن خلاد بن يحيى بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٣٢٦٨ و ٤٧٣١ والترمذي ٣١٥٨ والطبري ٢٣٨٠٥ والواحدي في «الوسيط» ٣ / ١٨٩ و «أسباب النزول» ٦٠٦ من طرق عن عمر بن ذر به.
[١٣٩٨] ـ ذكره هاهنا تعليقا ، وإسناده إليهم أول الكتاب ، وتقدم الكلام عليه وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٠٨ عنهم بدون إسناد.
ـ وأثر الضحاك رواه الطبري ٢٣٨١٢.
ـ وأثر قتادة أخرجه الطبري ٢٣٨٠٩.
ـ ويشهد لأصله خبر ابن عباس المتقدم.
(١) في المطبوع «الستور».
(٢) زيد في المطبوع «أهل».
(٣) في المخطوط «قال» والمثبت عن البخاري.