(وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) ، أي المعاصي وشرب الخمر [والزنا](١) ، أي آثروا شهوات أنفسهم على طاعة الله. وقال مجاهد : هؤلاء قوم يظهرون في آخر الزمان ينزو بعضهم على بعض في الأسواق والأزقة. (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ، قال (٢) وهب : الغي نهر في جهنم بعيد قعره ، خبيث طعمه.
وقال ابن عباس : الغي واد في جهنم ، وإن أودية جهنم لتستعيذ حرّه أعد للزاني المصر عليه ، ولشارب الخمر المدمن عليها ، ولآكل الربا الذي لا ينزع عنه ، ولأهل العقوق ولشاهد الزور ، [ولامرأة أدخلت على زوجها ولدا](٣) ، وقال عطاء : الغي واد في جهنم يسيل قيحا ودما. وقال كعب : هو واد في جهنم أبعدها قعرا ، وأشدها حرا فيه بئر تسمى الهيم ، كلما خبت جهنم فتح الله تلك البئر فتستعر بها جهنم.
[١٣٩٦] أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنا محمد بن أحمد الحارثي أنا محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن هشيم بن بشير أنا زكريا بن أبي مريم الخزاعي قال : سمعت أبي أمامة الباهلي يقول : إن ما بين شفير جهنم إلى قعرها مسيرة سبعين خريفا من حجر يهوي أو قال صخرة تهوي عظمها كعشر عشراوات (٤) ، فقال له مولى لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد : هل تحت ذلك شيء يا أبا أمامة؟ قال : نعم غي وآثام.
وقال الضحاك : غيا خسرانا. وقيل : هلاكا. وقيل : عذابا. وقوله : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ليس معناه يرون فقط بل معناه الاجتماع والملابسة مع الرؤية.
(إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢))
(جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) ، ولم يروها ، (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) ، يعني أتيّا مفعول بمعنى فاعل. وقيل : لم يقل أتيّا لأن كل من أتاك فقد أتيته (٥) ، والعرب لا تفرق بين قول القائل أتت عليّ خمسون سنة وبين قوله أتيت على خمسين سنة ، ويقول : وصل إليّ الخير ووصلت إلى الخير [و](٦) قال ابن جرير : وعده أي موعوده ، وهو الجنة مأتيا يأتيه أولياؤه وأهل طاعته.
(لا يَسْمَعُونَ فِيها) ، في الجنة (لَغْواً) ، باطلا وفحشا وفضولا من الكلام. وقال مقاتل : هو اليمين الكاذبة ، (إِلَّا سَلاماً) ، استثناء من غير جنسه يعني بل يسمعون فيها سلاما أي قولا يسلمون منه ،
__________________
[١٣٩٦] ـ موقوف ضعيف. رجاله ثقات سوى زكريا بن أبي مريم ، فإنه مجهول ، تفرد عنه هشيم.
ـ وهو في «شرح السنة» ٤٣٠٨ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «الزهد» ٣٠٢ «زيادات نعيم بن حماد» عن هشيم بن بشير به.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع «ابن».
(٣) سقط من المخطوط.
(٤) العبارة في المطبوع «كعشر عشرت واسمان» وفي المخطوط «تغير عشراوات سمان» والمثبت عن «شرح السنة».
(٥) في المطبوع «أتته».
(٦) زيادة عن المخطوط.