وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣))
(فَأَشارَتْ) ، مريم ، (إِلَيْهِ) ، أي إلى عيسى عليهالسلام أن كلّموه. قال ابن عباس (١) رضي الله عنهما : لما لم تكن لها حجة أشارت إليه ليكون كلامه حجة لها.
وفي القصة : لما أشارت إليه غضب القوم ، وقالوا مع ما فعلت أتسخرين بنا؟ ثم ، (قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) أي : من هو في المهد ، وهو [في](٢) حجرها. وقيل : هو المهد بعينه ، (كانَ) بمعنى هو ، وقال أبو عبيدة : كان صلة أي كيف نكلم صبيا في المهد ، وقد يجيء كان حشوا في الكلام لا معنى له كقوله : (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) [الإسراء : ٩٣] أي : هل أنا؟ قال السدي : فلما سمع عيسى كلامهم ترك الرضاع وأقبل عليهم. وقيل : لما أشارت إليه ترك الثدي واتكأ على يساره ، وأقبل عليهم وجعل يشير بيمينه.
(قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) ، وقال وهب : أتاها زكريا عند مناظرتها اليهود فقال لعيسى انطق بحجتك إن كنت أمرت بها ، فقال عند ذلك عيسى عليهالسلام وهو ابن أربعين يوما. وقال مقاتل : بل هو يوم ولد (إِنِّي عَبْدُ اللهِ) ، أقرّ على نفسه بالعبودية لله عزوجل أول ما تكلم لئلا يتخذ إلها ، (آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) ، قيل : معناه سيؤتيني الكتاب ويجعلني نبيا. وقيل : هذا إخبار عما كتب [له](٣) في اللوح المحفوظ.
[١٣٨٩] كما قيل للنبي صلىاللهعليهوسلم : متى كنت نبيا؟ قال : «كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد».
وقال الأكثرون أوتي الإنجيل وهو صغير طفل ، وكان يعقل عقل الرجال. وعن الحسن أنه قال : ألهم التوراة وهو في بطن أمه.
__________________
[١٣٨٩] ـ صحيح. أخرجه أحمد ٥ / ٥٩ والحاكم ٢ / ٦٠٩ والطبراني ٢ / ٣٥٣ والآجري في «الشريعة» ٩٥٦ من طرق عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، ورجاله رجال مسلم.
ـ وقال الهيثمي في «المجمع» ٨ / ٢٢٢ : رجاله رجال الصحيح.
ـ وللحديث شواهد منها :.
ـ حديث أبي هريرة عند الترمذي ٣٦٠٩ والحاكم ٢ / ٦٠٩ والبيهقي في «الدلائل» ٢ / ١٢٩.
والآجري ٩٥٩ وقال الترمذي : حسن صحيح غريب.
ـ وحديث العرباض بن سارية عند أحمد ٤ / ١٢٨ والحاكم ٢ / ٦٠٠ وابن أبي عاصم في «السنة» ٤٠٩ وابن حبان ٦٤٠٤ وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في «المجمع» ٨ / ٢٢٢ : رواه أحمد بأسانيد وأحد أسانيده رجال الصحيح غير سعيد بن سويد ، وقد وثقه ابن حبان ا ه.
ـ وحديث ابن عباس عند البزار ٢٣٦٤ والطبراني ١٢٥٧١ و ١٢٦٢٦ وفيه جابر بن يزيد الجعفي ، ضعيف ، لكن يصلح للمتابعة.
ـ وحديث خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن رجل قال : قلت : يا رسول الله ... فذكره ، وإسناده صحيح كما في «المجمع» ٨ / ٢٢٣ وجهالة الصحابي لا تضر.
وانظر «المقاصد الحسنة» ٨٣٧ للسخاوي و «الشريعة» ٤٢٨ ـ ٤٣٠ للآجري بتخريجي ، والله الموفق.
(١) في المخطوط «مسعود».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.