أنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ثنا عبد الله بن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد عن زياد مولى بني مخزوم أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة (١) لا يقطعها ، اقرءوا إن شئتم : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) (٣٠) [الواقعة : ٣٠] فبلغ ذلك كعبا فقال : صدق والذي أنزل التوراة على موسى عليهالسلام (٢) والقرآن على محمد صلىاللهعليهوسلم ، لو أن رجلا ركب حقة أو جذعة ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما ، إن الله تعالى غرسها بيده ونفخ فيها من روحه ، وإن أفنانها لمن وراء سور الجنة ، ما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل تلك الشجرة.
[١٢٠٧] وبهذا الإسناد عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن الأشعث بن عبد الله عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال : في الجنة شجرة يقال لها طوبى ، يقول الله عزوجل لها تفتّقي لعبدي عما شاء فتفتق (٣) له عن فرس بسرجه ولجامه وهيئته كما شاء وتفتق (٤) له عن الراحلة برحلها وزمامها وهيئتها كما شاء وعن الثياب.
قوله تعالى : (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ) أي : كما أرسلنا الأنبياء إلى الأمم أرسلناك إلى هذه الأمة ، و (قَدْ خَلَتْ) ، مضت ، (مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا) ، لتقرأ ، (عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ).
[١٢٠٨] قال قتادة ومقاتل وابن جريج : الآية مدنية نزلت في صلح الحديبية ، وذلك أن سهيل بن عمرو لما جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم واتفقوا على أن يكتبوا كتاب الصلح فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلي : «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم» ، قالوا : لا نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة ، يعنون مسيلمة الكذاب ، اكتب كما كنت تكتب باسمك اللهم ، فهذا معنى قوله : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ).
والمعروف أن الآية مكية وسبب نزولها :
[١٢٠٩] أن أبا جهل سمع النبي صلىاللهعليهوسلم وهو في الحجر يدعو «يا الله يا رحمن» فرجع إلى المشركين فقال :
إن محمدا يدعو إلهين يدعو الله ويدعو إلها آخر يسمى الرحمن ، ولا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة فنزلت هذه الآية ونزل قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠].
__________________
ـ «الزهد» ٢٦٧ زيادات نعيم بن حماد عن إسماعيل بن أبي خالد به.
ـ وكلام أبي هريرة صح مرفوعا ، فقد أخرجه البخاري ٤٨٨١ ومسلم ٢٨٢٦ والترمذي ٢٥٢٣ وأحمد ٢ / ٤١٨ وابن حبان ٧٤١١ وأبو نعيم في «صفة الجنة» ٤٠٣ والبغوي في «شرح السنة» ٤٢٦٨ من طرق من حديث أبي هريرة دون ذكر قول كعب.
ـ وخبر كعب ورد مرفوعا من حديث ابن عباس أخرجه الواحدي في «الوسيط» ٣ / ١٥ ـ ١٦ وإسناده ضعيف جدا.
[١٢٠٧] ـ موقوف : إسناده لا بأس به لأجل شهر بن حوشب.
ـ رواه المصنف من طريق ابن المبارك ، وهو في «الزهد» ٢٦٥ «زيادات نعيم بن حماد» عن معمر به.
ـ وأخرجه الطبري ٢٠٣٨٣ والواحدي في «الوسيط» ٣ / ١٦ من طريق معمر به.
[١٢٠٨] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ٢٠٣٩٦ عن قتادة مرسلا و ٢٠٣٩٧ عن ابن جريج عن مجاهد مرسلا. والخبر فيه نكارة بذكر نزول الآية ، وقوله «لا نعرف الرحمن إلّا صاحب اليمامة». وأما أصل الحديث ففي الصحيح ، وسيأتي.
[١٢٠٩] ـ يأتي في سورة الإسراء عنه آية : ١١٠ إن شاء الله.
(١) كذا في المطبوع و «الزهد» وفي المخطوط «عام».
(٢) زيد في المخطوط وحده «والإنجيل على عيسى» وليست في «الزهد».
(٣) في المطبوع «ففتقت».
(٤) في المطبوع «وتفتقت».