وقيل : هي واو الحكم والتحقيق كأنه حكى اختلافهم ، وتم الكلام عند قوله ويقولون سبعة ثم حقق هذا القول بقوله : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) والثامن لا يكون إلا بعد السابع. وقيل : هذه واو الثمانية ، وذلك أن العرب تعدّ فتقول واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية ، لأن العقد كان عندهم سبعة كما هو اليوم عندنا عشرة ، نظيره قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ) إلى قوله : (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة : ١١٢] ، وقال في أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (٥) [التحريم : ٥]. (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ) ، أي : بعددهم (ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) ، أي : إلا قليل من الناس. قال ابن عباس : أنا من القليل : كانوا سبعة.
وقال محمد بن إسحاق : كانوا ثمانية. [و] قرأ : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) أي : حافظهم ، والصحيح هو الأول. وروي عن ابن عباس أنه قال : هم مكسلمينا وتمليخا ومرطونس وبينونس وسارينونس وذو نوانس وكشفيططنونس ، وهو الراعي والكلب قطمير. (فَلا تُمارِ فِيهِمْ) ، أي : لا تجادل ولا تقل في عددهم وشأنهم ، (إِلَّا مِراءً ظاهِراً) ، إلا بظاهر ما قصصنا عليك ، يقول حسبك (١) ما قصصنا عليك فلا تزد عليه وقف عنده ، (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ) ، من أهل الكتاب ، (أَحَداً) أي : لا ترجع إلى قولهم بعد أن أخبرناك.
(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (٢٤) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥))
(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ، يعني : إذا عزمت على أن تفعل غدا شيئا فلا تقل أفعل غدا حتى تقول إن شاء الله ، وذلك أن أهل مكة سألوه عن الروح وعن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين ، فقال : أخبركم غدا ولم يقل إن شاء الله ، فلبث الوحي أياما ثم نزلت هذه الآية. (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) ، قال ابن عباس ومجاهد والحسن : معناه إذا نسيت الاستثناء ثم ذكرت فاستثن ، وجوز ابن عباس الاستثناء المنقطع وإن كان إلى سنة ، وجوزه الحسن ما دام في المجلس ، وجوزه بعضهم إذا قرب الزمان ، فإن بعد فلا يصح ، ولم يجوزه جماعة حتى يكون الكلام متصلا بالكلام. وقال عكرمة : معنى الآية واذكر ربك إذا غضبت. وقال وهب : مكتوب في الإنجيل : ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب. وقال الضحاك والسدي : هذا في الصلاة.
[١٣٤٨] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٢) المليحي أنبأنا الحسن بن أحمد المخلدي ثنا (٣) أبو العباس
__________________
[١٣٤٨] ـ إسناده صحيح ، رجاله رجال البخاري ومسلم.
ـ قتيبة بن سعيد ، أبو عوانة هو وضاح اليشكري ، قتادة هو ابن دعامة.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٩٤ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه مسلم ٦٨٤ والترمذي ١٧٨ والنسائي ١ / ٢٩٣ وابن ماجه ٦٩٦ وأحمد ٣ / ٢٤٣ وابن حبان ١٥٥٥ وأبو عوانة ٢ / ٢٥٢ والبيهقي ٢ / ٣١٨ من طرق عن أبي عوانة بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٥٩٧ ومسلم ٦٨٤ ح ٣١٤ وأبو داود ٤٤٢ وأحمد ٣ / ٢٦٩ وأبو عوانة ١ / ٣٨٥ والبيهقي ٢ / ٢١٨
(١) في المطبوع «يحسبك».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيد في المطبوع «عبد الواحد».