[١٣٣٣] وجاء في الحديث : «إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك» ، (عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) ، فإن قيل : كيف وصفهم بأنهم عمي وبكم وصم. وقد قال : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ) [الكهف : ٥٣] ، وقال : (دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) [الفرقان : ١٣] وقال : (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) [الفرقان : ١٢] ، أثبت [لهم](١) الرؤية والكلام والسمع؟ قيل : يحشرون على ما وصفهم الله ثم تعاد إليهم هذه الأشياء ، وجواب آخر قال ابن عباس : عميا لا يرون ما يسرهم كما لا ينطقون بحجة ، صما لا يسمعون شيئا يسرهم. وقال الحسن : هذا حين يساقون إلى الموقف إلى أن يدخلوا النار. وقال مقاتل : هذا حين [يساقون إلى الموقف](٢) يقال لهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) [المؤمنون : ١٠٨] فيصيرون بأجمعهم عميا وبكما وصما لا يرون ولا ينطقون ولا يسمعون. (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ) ، قال ابن عباس : كلما سكنت ، أي : سكن لهبها. وقال مجاهد : طفئت وقال قتادة : ضعف وقيل : هو الهدو من غير أن يوجد نقصان في ألم (٣) الكفار ، لأن الله تعالى قال : (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) [الزخرف : ٧٥] ، وقيل : [كلما خبت] أي أرادت أن تخبو ، (زِدْناهُمْ سَعِيراً) ، أي : وقودا ، وقيل : المراد من قوله (كُلَّما خَبَتْ) أي نضجت جلودهم واحترقت أعيدوا (٤) إلى ما كانوا عليه وزيد في تسعير النار لتحرقهم [وتؤلمهم](٥).
(ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١))
(ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (٩٨) فأجابهم الله تعالى :
فقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، في عظمتها وشدتها (٦) ، (قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) ، في صغرهم وضعفهم ، نظيره قوله تعالى : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) [غافر : ٥٧]. (وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً) ، وقتا لعذابهم ، (لا رَيْبَ فِيهِ) ، أنه يأتيهم ، قيل : هو الموت ، وقيل : هو يوم القيامة ، (فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً) ، جحودا وعنادا.
(قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) أي : نعمة ربي. وقيل : رزق ربي ، (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ) ، لبخلتم
__________________
[١٣٣٣] ـ هو عجز حديث أخرجه الترمذي ٣١٤٢ وأحمد ٢ / ٤٤٧ والبيهقي في «الشعب» ١ / ٣١٨ عن أبي هريرة مرفوعا ، وصدره «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف» وإسناده ضعيف ، لضعف علي بن زيد بن جدعان ، لكن للحديث شواهد بمعناه ، انظر «الدر المنثور» ٤ / ٣٦٨ فالحديث حسن «بشواهده» إن شاء الله ، والله أعلم.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المخطوط «آلام».
(٤) زيد في المطبوع «فيها».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيد في المطبوع و ـ ط ، وفي المخطوط «عظمها وشدتها» والأشبه «عظمتهما وشدتهما».