لقلنا مثل هذا فكذبهم الله تعالى ، فالقرآن معجز في النظم والتأليف والإخبار عن الغيوب ، وهو كلام في أعلى طبقات المبالغة لا يشبه كلام الخلق ، لأنه غير مخلوق ولو كان مخلوقا لأتوا بمثله.
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٨٩) وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (٩٣))
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) ، من كل وجه من العبر والأحكام والوعد والوعيد وغيرها ، (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) ، جحودا.
(وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) ، لن نصدقك ، (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) ، قرأ أهل الكوفة ويعقوب (تَفْجُرَ) بفتح التاء وضم الجيم مخففا ، لأن الينبوع واحد ، وقرأ الباقون بالتشديد من التفجير ، واتفقوا على تشديد قوله : (فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) ، لأن الأنهار جمع والتشديد يدل على التكثير ، ولقوله : «تفجيرا من بعده».
[١٣٣١] وروى عكرمة عن ابن عباس : أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب والنضر بن الحارث وأبا البختري بن هشام والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيها ومنبها ابني الحجاج اجتمعوا ومن اجتمع معهم بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ، فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه ، فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم سريعا وهو يظن أنه بدا لهم في أمره بداء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم حتى جلس إليهم ، فقالوا : يا محمد إنا بعثنا إليك لنعذر فيك وإنا والله لا نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك ، لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة ، وفرقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلا وقد جئته فيما بينك وبيننا ، فإن كنت جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جعلنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تطلب الشرف سوّدناك علينا ، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الأمر الذي بك رئي تراه حتى قد غلب عليك لا تستطيع رده بذلنا لك أموالنا في طلب [الطلب](١) حتى نبرئك منه ، أو نعذر فيك ، وكانوا يسمون التابع من الجن : الرئي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به أطلب (٢) أموالكم ولا الشرف عليكم ، ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا ، وأنزل عليّ كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلّغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه عليّ أصبر
__________________
[١٣٣١] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ٢٢٧١٩ عن ابن إسحاق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس به ، وإسناده ضعيف ، فيه راو لم يسمّ ، وكرره الطبري ٢٢٧٢٠ عن ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد به وإسناده ضعيف لجهالة محمد هذا.
(١) سقط من المطبوع.
(٢) في المطبوع «لطلب».