(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (٨٠) وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (٨١))
قوله عزوجل : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) المراد من المدخل والمخرج الإدخال والإخراج ، واختلف أهل التفسير فيه.
فقال ابن عباس والحسن وقتادة : أدخلني مدخل صدق المدينة ، وأخرجني مخرج صدق من مكة ، نزلت حين أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بالهجرة. وقال الضحاك : وأخرجني مخرج صدق من مكة آمنا من المشركين ، وأدخلني مدخل صدق مكة ظاهرا عليها بالفتح. وقال مجاهد : أدخلني في أمرك الذي أرسلتني به من النبوة مدخل صدق [الجنة](١) ، وأخرجني من الدنيا وقد قمت بما وجب عليّ من حقها مخرج صدق.
وعن الحسن أنه قال : أدخلني مدخل صدق الجنة وأخرجني مخرج صدق من مكة وقيل أدخلني في طاعتك وأخرجني من المناهي.
وقيل معناه أدخلني حيث ما أدخلتني بالصدق ، وأخرجني بالصدق ، أي : لا تجعلني ممن يدخل بوجه ويخرج بوجه ، فإنّ ذا الوجهين لا يكون آمنا (٢) ووجيها عند الله. ووصف الإدخال والإخراج بالصدق لما يؤول إليه الخروج والدخول من النصر والعز ودولة الدين ، كما وصف القدم بالصدق فقال : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [يونس : ٢]. (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) ، قال مجاهد : حجة بيّنة.
وقال الحسن : ملكا قويا تنصرني به على من ناوأني وعزا ظاهرا أقيم به دينك ، فوعده الله لينزعنّ ملك فارس والروم وغيرهما فيجعله له. قال قتادة : علم نبي الله صلىاللهعليهوسلم أن لا طاقة له بهذا الأمر إلّا بسلطان نصير ، فسأل سلطانا نصيرا كتاب الله وحدوده وإقامة دينه.
قوله عزوجل : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُ) ، يعني القرآن ، (وَزَهَقَ الْباطِلُ) ، أي [مذهب](٣) الشيطان ، قاله (٤) قتادة ، وقال السدي : الحق الإسلام ، والباطل الشرك. وقيل : الحق عبادة الله ، والباطل عبادة الأصنام. (إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) ذاهبا ، يقال : زهقت نفسه أي خرجت.
[١٣٢٨] أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ثنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن
__________________
[١٣٢٨] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، فقد تفرد عن صدقة بن الفضل ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، ابن عيينة هو سفيان ، ابن أبي نجيح هو عبد الله ، مجاهد بن جبر ، أبو معمر هو عبد الله بن سخبرة.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٧٠٧ بهذا الإسناد.
ـ رواه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» ٤٢٨٧ عن صدقة بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٢٤٧٨ و ٤٧٢٠ ومسلم ١٧٨١ والترمذي ٣١٣٨ والنسائي في «الكبرى» ١١٢٩٨ و ١١٤٢٨ وأحمد ١ / ٣٧٧ وابن حبان ٥٨٦٣ والطبراني ١٠٤٢٧ والبيهقي ٦ / ١٠١ من طرق عن سفيان بن عيينة به.
ـ وأخرجه مسلم ١٧٨١ والطبري ٢٢٦٦٣ والطبراني في «الصغير» ٢١٠ وفي «الكبير» ١٠٥٣٥ من طريق عبد الرزاق عن الثوري عن ابن أبي نجيح به.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «أمينا».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) تصحف في المطبوع «قال».