تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) [فصلت : ٤٠] ، وكقول القائل : افعل ما شئت فسترى.
(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (٦٥) رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٦٦) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٧) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (٦٨) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً (٦٩))
قوله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (٦٥) ، أي حافظا بمن (١) يوكل الأمر إليه.
قوله عزوجل : (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ) أي : يسوق ويجري لكم الفلك ، (فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) ، لتطلبوا من رزقه ، (إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً).
(وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ) ، الشدة وخوف الغرق ، (فِي الْبَحْرِ ضَلَ) ، أي : بطل وسقط ، (مَنْ تَدْعُونَ) ، من الآلهة ، (إِلَّا إِيَّاهُ) ، إلا الله فلم تجدوا مغيثا سواه ، (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ) ، أجاب دعاءكم وأنجاكم من هول البحر وأخرجكم ، (إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) [أغمضتم](٢) عن الإيمان والإخلاص والطاعة كفرا منكم لنعمه ، (وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً).
(أَفَأَمِنْتُمْ) ، بعد ذلك ، (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ) ، يغور بكم ، (جانِبَ الْبَرِّ) ، ناحية البر وهي الأرض ، (أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) ، أي : يمطر عليكم حجارة من السماء كما أمطر على قوم لوط. وقال أبو عبيدة والقتيبي : الحاصب الريح التي ترمي بالحصباء ، وهي الحصا الصغار ، (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) ، قال قتادة : مانعا [يمنع عنكم ما فعلنا بكم](٣).
(أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ) ، يعني في البحر ، (تارَةً) مرة ، (أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) ، قال ابن عباس : أي : عاصفا وهي الريح الشديدة. وقال أبو عبيدة : هي الريح التي تقصف كل شيء ، أي تدقه وتحطمه. وقال القتيبي : هي التي تقصف الشجر ، أي تكسره ، (فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) ، ناصرا ولا ثائرا ، وتبيع بمعنى تابع أي [تابعا مطالبا بالثأر](٤). وقيل : من يتبعنا بالإنكار ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو «أن نخسف ، ونرسل ، ونعيدكم ، فنرسل ، فنغرقكم» ، بالنون فيهن ، لقوله (عَلَيْنا) وقرأ الآخرون بالياء لقوله : (إِلَّا إِيَّاهُ) ، وقرأ أبو جعفر ويعقوب فتغرقكم بالتاء يعني الريح.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١))
__________________
(١) في المطبوع «ومن» وفي ـ ط «من».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) العبارة في المخطوط «طالبا للثأر».