التراب يسبح ما لم يبتل ، فإذا ابتل ترك التسبيح ، وإن الخرزة لتسبح ما لم ترفع من موضعها ، فإذا رفعت تركت التسبيح ، وإن الورقة لتسبح ما دامت على الشجرة فإذا سقطت تركت التسبيح ، وإن الثوب ليسبح ما دام جديدا فإذا وسخ ترك التسبيح ، وإن الماء يسبح ما دام جاريا فإذا ركد ترك التسبيح ، وإن الوحش (١) تسبح إذا صاحت فإذا سكنت تركت التسبيح. وقال إبراهيم النخعي : وإن من شيء جماد (٢) إلّا يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السقف.
وقال مجاهد : كل الأشياء تسبح لله حيا كان أو ميتا أو جمادا وتسبيحها سبحان الله وبحمده.
[١٣٠٢] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٣) المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن المثنى أنا أبو أحمد الزبيري (٤) أنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفا ، كنّا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر فقلّ الماء فقال : «اطلبوا فضلة من ماء» فجاءوا بإناء فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ثم قال : «حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله» فلقد رأيت الماء ينبع من [بين](٥) أصابع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل.
وقال بعض أهل المعاني : تسبيح السموات والأرض والجمادات وسائر الحيوانات سوى العقلاء ما دامت تدل بلطيف تركيبها وعجيب هيئتها على خالقها ، فيصير ذلك بمنزلة التسبيح منها. والأول هو المنقول عن السلف ، واعلم أن الله تعالى [أودع](٦) علما في الجمادات لا يقف عليه غيره فينبغي أن يوكل علمه إليه. (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ، أي لا تعلمون تسبيح ما عدا من يسبح بلغاتكم وألسنتكم ، (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً).
(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) (٤٥) ، يحجب قلوبهم عن فهمه والانتفاع به. قال قتادة : وهو الأكنة ، والمستور بمعنى الساتر كقوله : (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) [مريم : ٦١]
__________________
[١٣٠٢] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي ، إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، منصور بن المعتمر ، إبراهيم بن يزيد النخعي ، علقمة بن الأسود.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٦٠٧ بهذا الإسناد.
ـ رواه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» ٣٥٧٩ عن ابن المثنى به.
ـ وأخرجه الترمذي ٣٦٣٣ وأحمد ١ / ٤٦٠ والدارمي ١ / ١٤ ـ ١٥ وأبو نعيم في «الدلائل» ٣١٢ وابن أبي شيبة ١١ / ٤٧٤ والبيهقي في «الاعتقاد» ص ٢٧٢ من طرق عن إسرائيل به.
ـ وأخرجه النسائي ١ / ٦٠ ـ ٦١ وابن حبان ٦٥٤٠ والبيهقي في «الدلائل» ٤ / ١٢٩ ـ ١٣٠ من طريق عبد الرزاق عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم به.
ـ وأخرجه الدارمي ١ / ١٥ وأبو نعيم في «الدلائل» ٣١١ من طريق عمارة بن زريق عن الأعمش به.
(١) زيد في المطبوع و ـ ط «الطير».
(٢) في المخطوط «جمادي».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «الزبير».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) سقط من المطبوع.