مفعول بمعنى الفاعل. وقيل : مستورا عن أعين الناس فلا يرونه. وفسره بعضهم بالحجاب عن الأعين الظاهرة.
[١٣٠٣] كما روي عن سعيد بن جبير أنه لما نزلت : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) [المسد : ١] جاءت امرأة أبي لهب ومعها حجر والنبي صلىاللهعليهوسلم مع أبي بكر فلم تره ، فقالت لأبي بكر أين صاحبك لقد بلغني أنه هجاني؟ فقال : والله ما ينطق عن الهوى ولا ينطق بالشعر ولا يقوله ، فرجعت وهي تقول قد كنت جئت بهذا الحجر لأرضخ رأسه ، فقال أبو بكر : ما رأتك يا رسول الله ، قال : «لا يزل ملك بيني وبينها يسترني».
(وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) ، أغطية ، (أَنْ يَفْقَهُوهُ) ، كراهية أن يفقهوا. وقيل : لئلا يفقهوا ، (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) ، ثقلا لئلا يسمعوه (١). (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) ، يعني إذا قلت : لا إله إلا الله في القرآن وأنت تتلوه ، (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) ، جمع نافر مثل قاعد وقعود وجالس وجلوس ، أي نافرين.
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٤٧) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٤٨) وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٤٩) قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (٥٠) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (٥١))
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ) ، قيل : به صلة أي : يطلبون سماعه (٢) ، (إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) ، وأنت تقرأ القرآن ، (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) ، يتناجون في أمرك. وقيل : ذووا نجوى ، فبعضهم يقول هو مجنون ، وبعضهم يقول كاهن ، وبعضهم يقول ساحر ، وبعضهم يقول شاعر. (إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ) ، يعني الوليد بن المغيرة وأصحابه ، (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) ، مطبوبا. وقال مجاهد : مخدوعا. وقيل : مصروفا عن الحق. يقال : ما سحرك عن كذا أي ما صرفك عنه؟ وقال أبو عبيدة : أي رجلا له سحر ، والسحر الرئة أي إنه بشر مثلكم تغذى معللا بالطعام والشراب يأكل ويشرب. قال الشاعر :
أرانا (٣) موضعين لأمر غيب |
|
ونسحر (٤) بالطعام وبالشراب |
__________________
[١٣٠٣] ـ حسن بشواهده. أخرجه أبو يعلى ٢٥ وابن حبان ٦٥١١ والبزار ٢٢٩٤ من حديث ابن عباس.
ـ وذكره الهيثمي في «المجمع» ١١٥٢٩ وقال : قال البزار إسناده حسن ، مع أن فيه عطاء بن السائب اختلط ه.
ـ وحسنه الحافظ في «الفتح» ٨ / ٧٣٨.
ـ وأخرجه الحاكم ٢ / ٥٢٦ من حديث زيد بن أرقم ؛ وأعله الحاكم بالإرسال ، ووافقه الذهبي.
ـ وأخرجه الحميدي ٣٢٣ والحاكم ٢ / ٣٦١ والواحدي في «الوسيط» ٣ / ١١٠ من حديث أسماء وصححه ، ووافقه الذهبي مع أن في إسناده ابن تدرس ، وهو مجهول.
ـ وللحديث شواهد ضعيفة لكن تتأيد بمجموعها ، ويعلم أن للحديث أصلا ، والله أعلم. وقد صححه الشيخ شعيب في «الإحسان».
(١) في المخطوط «يسمعوا».
(٢) في المطبوع «سمعه».
(٣) تصحف في المطبوع «أرنا».
(٤) في المطبوع «ويسحر».