(ذلِكَ) ، الذي ذكر (١) ، (مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) ، وكل ما أمر الله به أو نهى الله عنه فهو حكمة. (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) ، خاطب النبي صلىاللهعليهوسلم في هذه الآيات والمراد منه الأمة ، (فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً) ، مطرودا مبعدا من كل خير.
قوله عزوجل : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ) ، أي : اختاركم فجعل لكم الصفوة ولنفسه ما ليس بصفوة ، يعني اختاركم ، (بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) لأنهم كانوا يقولون الملائكة بنات الله ، (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) ، يخاطب مشركي مكة.
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ) ، يعني العبر (٢) والحكم والأمثال والأحكام والحجج والإعلام [والتشديد](٣) للتكثير (٤) والتكرير ، (لِيَذَّكَّرُوا) أي : ليتذكروا ويتعظوا ، وقرأ حمزة والكسائي بإسكان الذال وضم الكاف وكذلك في الفرقان. (وَما يَزِيدُهُمْ) ، تصريفنا وتذكيرنا وتكريرنا ، (إِلَّا نُفُوراً) ، ذهابا وتباعدا عن الحق.
(قُلْ) ، يا محمد لهؤلاء المشركين ، (لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ) ، قرأ حفص وابن كثير (يَقُولُونَ) بالياء وقرأ الآخرون بالتاء ، (إِذاً لَابْتَغَوْا) ، لطلبوا يعني الآلهة (إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) ، للمغالبة (٥) والقهر ليزيلوا ملكه [ويضادوا ما يفعله من الإيجاد والإعدام](٦) ، كفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض. وقيل : معناه لطلبوا إلى ذي العرش سبيلا [طريقا](٧) بالتقرب إليه. قال قتادة : لعرفوا الله بفضله وابتغوا ما يقربهم إليه. والأول أصح ، ثم نزه نفسه. فقال عزّ من قائل : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ) ، قرأ حمزة والكسائي تقولون بالتاء [وقرأ](٨) الآخرون بالياء ، (عُلُوًّا كَبِيراً).
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤٤) وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (٤٥) وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (٤٦))
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) ، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص ويعقوب «تسبح» بالتاء وقرأ الآخرون بالياء للحائل بين الفعل والتأنيث ، (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ).
روي عن ابن عباس أنه قال : وإن من شيء حي إلا يسبح بحمده. وقال قتادة : يعني الحيوانات والناميات (٩) ، وقال عكرمة : الشجرة تسبح والأسطوانة (١٠) تسبح. وعن المقدام بن معد يكرب قال : إن
__________________
(١) في المطبوع «ذكرناه».
(٢) في المطبوع «الصبر».
(٣) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٤) في المخطوط «والتفكير».
(٥) في المطبوع «بالمبالغة» وكذا و ـ ط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) زيادة عن المخطوط.
(٨) زيادة عن المخطوط.
(٩) في المخطوط «النابتات».
(١٠) زيد في المطبوع و ـ ط «لا» والمثبت عن المخطوط والطبري ٢٣٧٢٧.