في اللغة اتباع الأثر ، يقال : قفوت فلانا أقفوه وقفيته وأقفيته إذا اتبعت أثره ، وبه سميت القافة (١) لتتبعهم الآثار. قال القتيبي : هو مأخوذ من القفا كأنه يقفو الأمور ، أي : يكون في إقفائها يتبعها ويتعرفها. وحقيقة المعنى لا تتكلم أيّها الإنسان بالحدس والظن. (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) ، قيل : معناه يسأل المرء عن سمعه وبصره وفؤاده.
وقيل : يسأل السمع والبصر والفؤاد عمّا فعله المرء. وقوله : (كُلُّ أُولئِكَ) أي كل هذه الجوارح والأعضاء ، وعلى القول الأول يرجع أولئك إلى أربابها.
[١٢٩٩] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٢) المليحي أنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن الحسن أنا أبو علي حامد بن محمد الرّفّاء ثنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز أنا الفضل بن دكين ثنا (٣) سعد بن أوس العبسي حدثني بلال بن يحيى العبسي أن شتير بن شكل أخبره عن أبيه شكل بن حميد قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله علمني تعويذا أتعوذ به ، قال : فأخذ بيدي ثم قال : «قل اللهم إني أعوذ بك من شرّ سمعي وشرّ بصري وشرّ لساني وشرّ قلبي وشرّ منيّتي» قال : فحفظتها ، قال سعد (٤) : والمني ماؤه.
(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) ، أي بطرا وكبرا وخيلاء وهو تفسير المشي فلذلك أخرجه على المصدر ، (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ) ، أي : لن تقطعها بكبرك حتى تبلغ آخرها ، (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) أي : لا تقدر أن تطاول الجبال وتساويها بكبرك ، معناه أن الإنسان لا ينال بكبره وبطره شيئا كمن يريد خرق الأرض ومطاولة الجبال لا يحصل على شيء. وقيل : ذكر ذلك لأن من مشى مختالا يمشي مرة على عقبه ومرة على صدور قدميه ، فقيل له : إنك لن تنقب الأرض إن مشيت على عقبيك ، ولن تبلغ الجبال طولا إن مشيت على صدور قدميك.
[١٣٠٠] أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني أنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي أنا أبو
__________________
[١٢٩٩] ـ إسناده حسن ، رجاله ثقات ـ وهو في «شرح السنة» ١٣٦٣ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه النسائي ٨ / ٢٥٩ من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين به.
ـ وأخرجه أبو داود ١٥٥١ والترمذي ٣٤٨٧ والنسائي ٨ / ٢٥٦ ـ ٢٦٠ وأحمد ٣ / ٤٢٩ والحاكم ١ / ٥٣٣ من طرق عن سعد بن أوس به ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وقال الترمذي : حسن غريب.
[١٣٠٠] ـ صحيح بطرقه. إسناده ضعيف لضعف سفيان بن وكيع ، وفي الإسناد المسعودي وهو صدوق لكنه اختلط ، وكلاهما قد توبع.
ـ وكيع هو ابن الجراح ، المسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٦٤٦ بهذا الإسناد.
ـ رواه المصنف من طريق الترمذي ، وهو في «سننه» بإثر ٣٦٣٧ عن ابن وكيع بهذا الإسناد مطوّلا ، وقال الترمذي : حسن صحيح. كذا صححه المصنف في «شرح السنة».
ـ وأخرجه أحمد ١ / ٩٦ وأبو الشيخ في «أخلاق النبي صلىاللهعليهوسلم» ٢١٤ من طريق وكيع به.
(١) في المطبوع و ـ ط «القافية» وفي المخطوط «القامة» ، والمثبت عن القرطبي ١٠ / ٢٥٨ وفي الطبري ٢٢٣١٤ «القيافة اتباع الأثر».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) تصحف في المطبوع «سعيد».
(٤) تصحف في المطبوع «سعيد».