على الجمع ، أي ليسوء العباد أولو البأس الشديد وجوهكم (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) ، يعني : بيت المقدس ونواحيه ، (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا) ، وليهلكوا ، (ما عَلَوْا) أي : غلبوا عليه من بلادكم (تَتْبِيراً) [هلاكا](١).
(عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (٨) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢))
(عَسى رَبُّكُمْ) ، يا بني إسرائيل ، (أَنْ يَرْحَمَكُمْ) ، بعد انتقامه منكم فيرد الدولة إليكم ، (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) ، أي : إن عدتم إلى المعصية عدنا إلى العقوبة. قال قتادة : فعادوا فبعث الله عليهم محمدا صلىاللهعليهوسلم فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون ، (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) ، سجنا ومحبسا من الحصر وهو الحبس قال الحسن : حصيرا أي : فراشا. ذهب إلى الحصير الذي يبسط ويفرش.
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) ، أي : إلى الطريقة التي هي أصوب. وقيل [إلى](٢) الكلمة التي هي أعدل وهي شهادة أن لا إله إلا الله ، (وَيُبَشِّرُ) ، يعني : القرآن ، (الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ) [قولا وفعلا على سنة نبيها](٣) (أَنَّ لَهُمْ) ، بأن لهم (أَجْراً كَبِيراً) ، وهو الجنة.
(وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٠) ، وهو النار.
وقوله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ) ، حذف الواو لفظا لاستقلال اللام الساكنة كقوله (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (١٨) [العلق : ١٨] ، وحذف في الخط أيضا وهي غير محذوفة في المعنى ، ومعناه : يدعو الإنسان على ماله وولده ونفسه ، (بِالشَّرِّ) ، فيقول عند الغضب : اللهم العنه وأهلكه ونحوهما ، (دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) ، أي : كدعائه ربه بالخير أن يهب له النعمة والعافية ولو استجاب الله دعاءه على نفسه لهلك ، ولكن الله لا يستجيب بفضله ، (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) بالدعاء على ما يكره أن يستجاب له فيه. قال جماعة من أهل التفسير ، وقال ابن عباس : ضجرا لا صبر له على السراء والضراء.
قوله عزوجل : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) ، أي : علامتين دالتين على وجودنا ووحدانيتنا وقدرتنا ، (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) ، قال ابن عباس : جعل الله نور الشمس سبعين جزءا ونور القمر كذلك فمحا من نور القمر تسعة وستين جزءا فجعلها مع نور الشمس ، حكي أن الله تعالى أمر جبريل فأمرّ جناحه على وجه القمر ثلاث مرات فطمس عنه الضوء وبقي فيه النور. وسأل ابن الكواء عليا [رضي الله عنه](٤) عن السواد الذي في القمر قال : هو أثر المحو. (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) ، منيرة مضيئة ، يعني يبصر بها. قال الكسائي : تقول العرب أبصر النهار إذا أضاءت بحيث يبصر بها ، (لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) ، أي : لو ترك الله الشمس والقمر كما خلقهما لم يعرف الليل والنهار ولم
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.