فكبر ذلك على الملك ، فقال : يا نبي الله هل أتاك وحي من الله فيما حدث فتخبرنا به كيف يفعل الله بنا وبسنحاريب وجنوده ، فقال : لم يأتني [فيهم](١) وحي فبينما هم على ذلك أوحى الله إلى شعياء النبي أن ائت ملك بني إسرائيل فمره (٢) أن يوصي وصيته ويستخلف ـ على ملكه من يشاء من أهل بيته ، فأتى شعياء ملك بني إسرائيل صديقة فقال له : إن ربك قد أوحى إليّ أن آمرك أن توصي وصيتك وتستخلف من شئت على ملكك من أهل بيتك فإنك ميت ، فلما قال [ذلك](٣) شعياء لصديقه أقبل على القبلة فصلى ودعا وبكى ، فقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله بقلب مخلص : اللهم ربّ الأرباب وإله الآلهة يا قدوس المتقدس يا رحمن يا رحيم يا رءوف الذي لا تأخذه سنة ولا نوم اذكرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل ، وذلك كله كان منك وأنت أعلم به مني ، سرّي وعلانيتي لك وأنت الرحمن ، فاستجاب له وكان عبدا صالحا فأوحى الله تعالى إلى شعياء [أن تخبر](٤) صديقة أن ربه قد استجاب له ورحمه وأخر له أجله خمس عشرة سنة وأنجاه من عدوه سنحاريب ، فأتاه شعياء فأخبره بذلك فلما قال له ذلك ذهب عنه الوجع وانقطع عنه الحزن ، وخرّ ساجدا لله ، وقال : يا إلهي وإله آبائي لك سجدت وسبحت وكبرت وعظمت أنت الذي تعطي (٥) الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير عالم الغيب والشهادة أنت الأول والآخر والظاهر والباطن وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرين ، وأنت الذي أجبت دعوتي ورحمت تضرعي ، فلما رفع رأسه أوحى الله إلى شعياء أن قل للملك صديقة فيأمر عبدا من عبيده فيأتيه بماء التين فيجعله في قرحته فيشفى فيصبح وقد برأ ففعل وشفي ، وقال الملك لشعياء : سل ربك أن يجعل لنا علما بما هو صانع بعدونا هذا قال الله لشعياء قل له : إني قد كفيتك عدوك وأنجيتك منهم وأنهم سيصبحون موتى كلهم إلا سنحاريب وخمسة نفر من كتابه أحدهم بختنصر فلما أصبحوا جاء صارخ فصرخ على باب المدينة ، يا ملك بني إسرائيل إن الله قد كفاك عدوك فاخرج فإن سنحاريب ومن معه قد هلكوا فلما خرج الملك التمس سنحاريب في القتلى فلم يوجد في الموتى فبعث الملك في طلبه فأدركه الطلب في مغارة وخمسة نفر من كتابه أحدهم بختنصر فجعلوهم في الجوامع ثم أتوا بهم إلى ملك بني إسرائيل ، فلما رآهم خرّ ساجدا لله من حين طلعت الشمس إلى [وقت](٦) العصر ، ثم قال : يا سنحاريب كيف ترى فعل ربنا بكم ألم يقتلكم بحوله وقوته ونحن وأنتم غافلون فقال سنحاريب له قد أتاني خبر ربكم ونصره إياكم ورحمته التي يرحمكم بها قبل أن أخرج من بلادي فلم أطع مرشدا ولم يلقني في الشقوة إلا قلة عقلي ، ولو سمعت أو عقلت ما غزوتكم فقال صديقة الحمد لله رب العالمين (٧) الذي كفاناكم بما شاء وإن ربنا لم يبقك ومن معك لكرامتك على ربك ، ولكنه إنما أبقاك ومن معك لتزدادوا شقوة في الدنيا وعذابا في الآخرة ولتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا بكم فتنذروا من بعدكم ولو لا ذلك لقتلكم ، ولدمك ولدم من معك أهون على الله من دم قراد ، لو قتلت ثم إن ملك بني إسرائيل أمر أمير حرسه فقذف في رقابهم الجوامع فطافت بهم سبعين يوما حول بيت المقدس وإيليا وكان يرزقهم كل يوم خبزتين من شعير لكل رجل منهم ، فقال سنحاريب لملك بني إسرائيل : القتل خير مما تفعل بنا فأمر بهم الملك إلى السجن والقتل فأوحى الله إلى شعياء عليهالسلام أن قل لملك بني إسرائيل
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «قمر».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المخطوط «تؤتي».
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المخطوط «العزة».