فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) ، أي : لا تقولوا لوصف ألسنتكم (١) أو لأجل وصفكم الكذب أنكم تحلّون وتحرّمون لأجل الكذب لا لغيره ، (هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ) ، يعني البحيرة والسائبة ، (لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) ، فتقولون إن الله أمرنا بهذا ، (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) ، لا ينجون من عذاب الله.
(مَتاعٌ قَلِيلٌ) ، [يعني : الذي هم فيه متاع قليل أو لهم متاع قليل](٢) في الدنيا. (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، في الآخرة.
(وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩) إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢) ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣))
(وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) ، يعني في سورة الأنعام. و [هو](٣) قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) [الأنعام : ١٤٦] الآية (وَما ظَلَمْناهُمْ) بتحريم ذلك عليهم ، (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) فحرمنا عليهم ببغيهم.
(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) يعني : بالإصلاح الاستقامة على التوبة ، (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) ، أي : من بعد الجهالة ، (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
قوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) قال ابن مسعود الأمة معلم الخير أي : كان معلما للخير يأتم (٤) به أهل [الخير في] الدنيا ، وقد اجتمع فيه من الخصال الحميدة ما يجتمع (٥) في أمة ، قال مجاهد : كان مؤمنا وحده والناس كلهم كفار ، وقال قتادة : ليس من أهل دين إلا يتولونه ويرضونه. (قانِتاً لِلَّهِ) ، مطيعا [لله](٦). وقيل : قائما بأوامر الله تعالى ، (حَنِيفاً) مستقيما على دين الإسلام. وقيل : مخلصا. (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
(شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ) ، اختاره ، (وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، أي : إلى دين الحق.
(وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) ، يعني الرسالة والخلة. وقيل : لسان الصدق والثناء الحسن ، وقال مقاتل بن حيان : يعني الصلاة عليه في قول هذه الأمة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم. وقيل : أولادا أبرارا على الكبر. وقيل : القبول العام في جميع الأمم. (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) ، مع آبائه الصالحين في الجنة. وفي الآية تقديم وتأخير مجازه : وآتيناه في الدنيا والآخرة حسنة ، وإنه لمن الصالحين.
__________________
(١) زيد في المخطوط «الكذب».
(٢) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) تصحف في المطبوع «يأثم».
(٥) في المطبوع «اجتمع».
(٦) زيادة عن المخطوط.