بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) (١) ، فإذا ما نشب نزاع للمرة الثّانية ، ووقع فيها طلاق ثان ، فإن القرآن يمنح الزّوج مرة أخرى فترة مماثلة للأولى : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (٢) ، وبحيث لا يصبح الإفتراق نهائيا إلّا في الطّلاق الثّالث.
وينبغي أن نعترف بأنّ روح الحرص على الرّباط الزّوجي لا يمكن أن تكون أكثر تصلبا إلّا إذا ضادت الفطرة ، وناهضتها ، وعليه ، فإنّ كلّ هذه المحاولات لتدارك الرّباط الزّوجي ، ورأب صدعه ، ليس الهدف منها توحيد عنصرين متنافرين بأي ثمن ، على حين أنّهما لا يتقاربان إلّا ليتعارضا. وإنّما هي على العكس ، تفترض إمكان قيام حياة أسرية تأخذ مجراها العادي ، بعد أن انته العارض ، وهدأت الخواطر. والقرآن يشترط صراحة للعودة إلى الإتحاد الزّوجي أن يكون كلّ من الزّوجين آملا أن يؤدي واجباته بأمانة : (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) (٣) ، و (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ) (٤).
ومع ذلك فإنّ خبث الرّجال الحاقدين يبغي أن يسيء استخدام هذا الحقّ ، الممنوح لهم ، فيجعلوا منه أداة إعنات ، وظلم لأزواجهم ، فهم بتأخيرهم اختيارهم خلال المدة المخصصة لهم ، وبعدم نطقهم إلّا في اللحظة الأخيرة ، يعودون في نهاية الأمر إلى نسائهم ، لا على أساس نسيان الماضي ، ولا بنّيّة خلق جو صحي ، لحبّ جديد ، بل بقصد تطليقهن من جديد ، ثمّ إمساكهن معلقات على
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.
(٢) البقرة : ٢٢٩.
(٣) البقرة : ٢٢٨.
(٤) البقرة : ٢٣٠.