اللاتي تحركت ضمائرهن إحساسا بالأزمة الأخلاقية النّاشئة عن الهزيمة ، فرأينّ ضرورة الإحتشام ، وسترنّ أجسادهن ، وشعورهن في الطّرقات ، فإذا بتلك الصّحفية تقلب القضية ، وتتهم الفتيات الفضليات بالتستر وراء الطّرحة ، وهن على مواعيد مع الشّبان!!
نعم ، وفي غيبة المنهاج الأخلاقي يفلسف اللّص أهدافه من السّرقة ، ويباهي النّشال بما أوقع من ضحايا ، ويفاخر المدين بقدرته على أكل أموال النّاس بالباطل ، ويستعلن أهل الفساد بما أعدوا لطلاب المتعة الحرام من برامج رائعة ، وفنون ممتعة ، ثمّ لا توجد في نفس الفرد غالبا أية بادرة نحو الإلتزام بقانون ، أو أدب عام ، أو واجب وطني.
كلّ قانون منتهك ... كلّ أدب مستباح ... كلّ واجب مضيّع.
ولقد يفسر بعض المتفائلين هذه الحالة بأنّها نتيجة الضّياع الّذي استقر في أعماق الفرد ، جراء النّكسة ، واستمرارها ، وأنّها سرعان ما تختفي عند ما ينجلي كابوس الهزيمة عن النّفسية العربية ، مع أوّل إنتصار تحققه على العدو الصّهيوني.
وليس يمنعنا هذا الإحتمال من أن نقرر أنّ الهزيمة قد تمحوها طلقة رصاص ، أمّا الجريمة في مستواها الإحترافي فأعسر من أن تجلو عن المجتمع بمجرد الإنتصار في الجبهة العسكرية ، إنّها ساكنة في أعماق أصحابها ، تجري في عروقهم مجرى الدّم ، ومحال أن نقتل الشّيطان بغير سلاح الأخلاق.
ولقد أعلنت الدّولة (في مصر) مثلا عن إجراءات لمواجهة ما أطلقت عليه : (حالات التّسيب) ، وكان القصد هو محاربة الإهمال ، والإختلاس ، اللّذين فشا وباؤهما في مؤسسات القطاع العام ، وانتشرت جيفهما.