وهكذا يستخدم القرآن بلا توقف تأريخ الأمم القديمة العاصية ، حتّى يكون لدى الظّالمين الّذين يخلفونهم على الأرض مثل أسلافهم ، متمثلا دائما في أذهانهم ، ولا سيما الكافرين على عهد النّبي صلىاللهعليهوسلم ، الّذين لم يكونوا خيرا ، ولا أشد قوة من الأقدمين : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) (١) ، بل على العكس : (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) (٢).
وإذن ، فالخونة جميعا عرضة للمؤاخذة ، تؤهلهم ذنوبهم لأن يعاقبوا بقسوة ، وليس في طاقة أحد أن يؤمن العصاة من أن تحل بهم مصيبة ، في البر ، أو في البحر ، على حين غفلة : (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) (٣) ، أو تصيبهم قارعة وهم نائمون ، أو وهم يلعبون : (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (٤) ، أو يكون ذلك خلال سفرهم : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٥) ، أو يكون صاعقة سماوية : (يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) (٦) ، أو خسفا : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ) (٧) أو بأية وسيلة أخرى لا يعلمونها : (أَوْ
__________________
(١) القمر : ٤٣.
(٢) الأنعام : ٦ ، الرّوم : ٩ ، فاطر : ٤٤ ، غافر : ٢١ و ٨٢ ، الأحقاف : ٢٦.
(٣) الإسراء : ٦٨ ـ ٦٩.
(٤) الأعراف : ٩٧ ـ ٩٨.
(٥) النّحل : ٤٦.
(٦) الإسراء : ٦٨ ، الملك : ١٧.
(٧) النّحل : ٤٥ ، الملك : ١٦.