عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (١).
بل إنّ هذا الإرتباط بين الفضيلة ، والسّعادة ، وبين الرّذيلة ، والعقوبة ، وهذا الفصل بين الأبرار ، والأشرار ، والّذي بدا هنا كواقع ، أو كوعد ، أو كأمر تنفيذي ، يأتي أحيانا كنتيجة ضرورية لحجة إستنباطية ، نابعة من مفهوم (أو مبدأ) إله حيكم ، عدل ؛ يقول القرآن : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٢) ، (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (٣) ، (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٤).
ومن الطّبيعي أنّ هذا الإستنباط ، لكي يكون ضروريا ، يجب أن يقتصر على الفكرة العامّة للمجازاة ، وألا يزعم أنّه يحدد أشكالها. أمن الممكن ـ مثلا ـ وضع علاقة عقلية بين العمل الوقتي للإرادة الإنسانية ، أو حتّى الجهد الدّائم في هذه الحياة الفانية ، وبين مكافأة باقية في حياة خالدة؟ (٥).
__________________
(١) آل عمران : ١٤٤ و ١٤٥ ، الأنعام : ١٢٠ و ١٣٨ ، هود : ٣ و ١١١ ، يوسف : ١١٠ ، السّجدة : ٢٢ ، الجاثية : ٢٢ ، الأحقاف : ١٩ ، النّجم : ٣١ و ٤١ (ـ ١١ آ و ٢ ب).
(٢) الجاثية : ٢١.
(٣) سورة ص : ٢٨.
(٤) سورة القلم : ٣٥ ـ ٣٦.
(٥) على أكثر تقدير نستطيع أن نتصور هذا التّعادل حين نأخذ معيارا للمقارنة ، ليس العمل الخاص ، المؤرخ والمحدد ، بل العمل الكلي الّذي تتخذه الإرادة ـ في ذاتها ـ قاعدة للسلوك ، موافقة أو مخالفة للقاعدة الأخلاقية؟. فالواقع أن الضّمير ـ على هذا المستوى ـ ينشد المطلق ، ويستهدفه ، ويود أن يتمسك بموقفه إلى الأبد ، لو أوتي الإنسان الخلود في هذه الحياة.