عن جزاء معين ، كيما نحتفظ به في المجموعة الثّالثة.
ومع ذلك فلا شيء يمنع قارىء القرآن وهو يجتهد في تفهم الأفكار الّتي تضمنتها الآيات ـ من أن يتأثر بها ، تبعا للحالات الّتي تتحدث عنها أوّلا ، وتبعا لرقة مشاعره ثانيا ، وتبعا للون الاسلوب ، أخيرا. ولسوف يجد ـ في مجرد التّنبيه الهادىء لوجود جزاء معين ـ مجالات تستقى منها تنبيهات كثيرة ، متفاوتة القيمة ، مشوبة بالوعيد.
فإذا ما جزنا فعلا بهذه المنطقة الوسيطة فسوف نمر بالتدريج بكلّ هذه الدّرجات المتواصلة ، دون أي انقطاع في صورتها المستمرة.
ومع ذلك فسوف نبذل قصارانا لنرسم فيها أربع مراحل رئيسية ، تتوافق مع مختلف المواقف الّتي نفترض وجودها لدى الأشخاص الّذين تتوجه إليهم الكلمات.
أوّلا : موقف التّقبل الواضح ، المتجاوب مع الأمر ، والنّظام ، مع أنّه صالح لدرجات مختلفة ، وهو موقف يناسبه قول لطيف مشجع يحرص على ذكر هذه الإرادة الطّيبة الّتي توشك أن تظهر في حيز الوجود ، دون أن يشير أدنى إشارة إلى أي ضعف ممكن. بيد أنّه لا يفتأ يثير انتباهنا إلى حضور الله ، وعلمه المحيط :
__________________
ـ جدا كثيرة. وثانيا : النّصوص الّتي تستدعي واقعا مضى ، فهي لا يمكن بناء على ذلك أن تعتبر مدعمة للإرادة بالنظر إلى الفعل المذكور ، ومن ذلك قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ) ـ (آل عمران ١٢ ، وكذلك الآيتان : ١٥٣ و ١٥٤ ، والآية : ٩ من سورة الأحزاب). وثالثا : وأخيرا بعض المواضع الّتي يقل فيها أن يكون هدف الأقوال تحذيرنا من الغفلة ، وإنّما هي تذكرنا بإختصاص الله سبحانه بما ينبغي أن نلتمسه عنده : ادع الله ، استعذ به .. إنّه يسمع ، ويرى (انظر الآيات : ٦١ من الأنفال ، و ٥٦ : من غافر ، و : ٣٦ من فصلت).