قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

دستور الأخلاق في القرآن

دستور الأخلاق في القرآن

دستور الأخلاق في القرآن

تحمیل

دستور الأخلاق في القرآن

194/962
*

الحديث عندها ، لنقول كلمة عن المغزى الحقّ لهذا التّدريج ، فيما يتعلق بالمعفو عنه ، والمباح القرآني ، فلا ريب أنّ المباح بالمعنى الصّحيح إنّما يتناول الأعمال الّتي لا دخل فيها للأخلاق (١).

أمّا فيما يتعلق بالمعفو عنه فيجب أوّلا أن نبعد الفكرة الّتي تجعل منه رخصة ببعض ما يمس الأخلاق ، رخصة ببعض الميول ، والأهواء لدى كلّ فرد.

إنّ ذلك سوف يكون إنكارا مسبقا للأخلاق ذاتها ، الّتي هي بحسب التّعريف (قاعدة السّلوك) ، فما ذا يكون ـ على الحقيقة ـ الإلتزام بقاعدة ، إن لم يكن الّتمسك الصّارم بها ، وعدم الخضوع للمغريات الّتي تصد عنها؟! ..

ولكن .. ها هو ذا وضع المسألة : فإذا ما وجد نوع من المشقة ، ووقف القرآن أمامها صلبا لا يتزعزع ، ثم وجدناه يحثنا على أن ننتصر عليها بأي ثمن ـ فذلك هو ما يستتبع على وجه التّحديد مقاومتنا لميولنا ، إذ يجب أن نختار بين طاعة الله ، وبين الخضوع للرغبات الجامحة ، ومن ثمّ قال الله سبحانه (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٢) ، وقال. (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا) (٣) ، وقال : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ) (٤).

فلم يكن المعفو عنه في القرآن ـ إذن ـ لكي ننحرف أمام أهوائنا ، وإنّما هي بكلّ بساطة وصدق مسألة مراعاة للواقع المحسوس الّذي يجري فيه نشاطنا ،

__________________

(١) فمثلا : تناول طعام معين أو غيره ـ كلاهما صواب ، وهما سواء صحة ، وطهارة.

(٢) ص : ٢٦

(٣) النّساء : ١٣٥

(٤) القصص : ٥٠.