وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١).
وهكذا يكون للفرد أمام الواجب الأختيار بحسب الواقع ، ولكنه لا يملك هذا الأختيار شرعا. فالضرورة الأخلاقية ليست إذن ضرورة وجودية ، بل هي ضرورة مثالية. ومع ذلك يجب ألّا نلبسها بالضرورة المنطقية ، فكلّ ما هو ضروري منطقيا يفرض نفسه على العقل مسلمة من المسلمات ، إذ ليس بوسع المرء ألّا يرى ما رآه جليا ، وكلّ ما هو ملزم أخلاقيا يفرض نفسه على الإرادة على أنّه شىء لمّا يكن ، ولكن يجب أن يكون. وهو ينتج من حكم على قيمة ، لا من حكم على واقع.
وهكذا يتمثل سلطان الواجب بطابعه الخاص الأصيل ، فهو لا يقهر الجوارح ، ولا يكره المدارك ، ولكن يفرض نفسه بخاصة على الضّمير.
ومع ذلك أعتقد «كانت» أنّه يستطيع أن يرد اللاأخلاقي [L\'immoral] إلى ما ينافي المنطق [L\'absurde] ، وإلى اللاعقلي [L\'irrationnel]. وكان من قوله : «إنّ أي مبدأ خاطىء لا يمكن أن يقوم على هيئة قانون شامل دون أن يؤدي إلى تناقض ، سواء في مفهومه ذاته ، أو في الإرادة الّتي تريد رفعه إلى مرتبة الشّمول» (٢).
لقد نظر برجسون في بعض الأمثلة الّتي رأى الفيلسوف الألماني أن يستشهد بها على نظريته ، ثم أعلن أنّه لا يستطيع أن يوافقه على رأيه إلا بشرط أن يفهم
__________________
(١) النّور : ٥٤.
(٢) انظر ، : ١ ـ Kant : Fondement de la me taphysique des moeurs, p. ٢٤١