طابع عملي ـ أمرا ينبغي أن يستبعد من الأفتراض ، فمن الأولى أن يستبعد ذلك فيما يتعلق بموضوع الإيمان. وغاية الأمر أن يقال : إنّ الرّجوع إلى الإجماع في هذا المجال لا تلتقي عنده بالرضى كلّ المشاعر ، والقلوب (١).
وإذا كان بعضهم قد أجازه في المسائل الثّانوية ، فإنّ أحدا لم يوافق عليه فيما يتصل بالعقائد الأساسية ، فليس لمسلم الحقّ مطلقا في أن يلجأ إلى سلطة الآخرين ليؤسس إيمانه ، فإنّ بناء الدّين على أساس لا يوضع إلّا بوساطة الدّين نفسه هو أشبه بالدوران في حلقة مفرغة.
وأمّا من حيث الشّروط الّتي ينبغي أن يتم بها التّصويت لإنشاء سلطة تشريعية قطعية الأحكام ـ فإنّ القاعدة الثّابتة تبدي إلحاحا شديدا على جوهر الموضوع ، وإن ظلت غير عابئة مطلقا بالشكل الخارجي ، الّذي يمكن أن يتولاه تنظيم الهيئة المقترعة. وكون الأعضاء معينين ، أو غير معينين بوساطة الدّولة ، منتخبين ، أو غير منتخبين بوساطة الشّعب ، وإجتماعهم في جلسة عامة ، أو تفرقهم في أنحاء الأرض ـ كلّ ذلك لا يؤثر في شيء على قيمة النّتيجة ، بشرط أن تكون صادرة في دقة ، وإحكام.
فجوهر القضية أن يكون كلّ عضو مدركا لإستقلاله الأدبي ، ولمسئوليته الأخلاقية ، وأن يعبر عن رأيه في حرية ، بعد تأمل ناضج في المشكلة المعروضة.
__________________
(١) انظر ، ابن عبد الشّكور في (مسلم الثّبوت) : ٢ / ٢٤٦ هامش المستصفى ، ورسائل السّيد المرتضى : ٣ / ٣١٣ ، لتجد بحثا مفصلا.