(أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ
أَمْرِي (٩٣) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ
بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي
إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤) قالَ فَما خَطْبُكَ
يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما
لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها
وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)
(٩٦)
٩٣ ـ (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) بالياء في الوصل والوقف مكي ، وافقه أبو عمرو ونافع في
الوصل ، وغيرهم بلا ياء ، أي ما دعاك إلى ألا تتبعني لوجود التعلّق بين الصارف عن
فعل الشيء وبين الداعي إلى تركه ، وقيل لا مزيدة والمعنى أي شيء منعك أن تتبعني
حين لم يقبلوا قولك وتلحق بي وتخبرني؟ أو ما منعك أن تتبعني في الغضب لله؟ وهلّا
قاتلت من كفر بمن آمن؟ وما لك لم تباشر الأمر كما كنت أباشره أنا لو كنت شاهدا (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) أي الذي أمرتك به من القيام بمصالحهم ، ثم أخذ بشعر رأسه
بيمينه ولحيته بشماله غضبا وإنكارا عليه لأن الغيرة في الله ملكته.
٩٤ ـ (قالَ يَا بْنَ أُمَ) وبخفض الميم شامي وكوفي غير حفص ، وكان لأبيه وأمه عند
الجمهور ولكنه ذكر الأمّ استعطافا وترفيقا (لا تَأْخُذْ
بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) ثم ذكر عذره فقال (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ
تَقُولَ) إذا قاتلت بعضهم ببعض (فَرَّقْتَ بَيْنَ
بَنِي إِسْرائِيلَ) أو خفت أن تقول إن فارقتهم واتبعتك ، ولحق بي فريق وتبع
السامري فريق : فرقت بين بني إسرائيل (وَلَمْ تَرْقُبْ) ولم تحفظ (قَوْلِي اخْلُفْنِي
فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ) وفيه دليل على جواز الاجتهاد. ثم أقبل موسى على السامري
منكرا عليه حيث :
٩٥ ـ (قالَ فَما خَطْبُكَ) ما أمرك الذي تخاطب عليه (يا سامِرِيُ).
٩٦ ـ (قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا
بِهِ) وبالتاء حمزة وعليّ ، وقال الزّجّاج : بصر علم وأبصر نظر ،
أي علمت ما لم يعلمه بنو إسرائيل ، قال موسى : وما ذاك؟ قال : رأيت جبريل على فرس
الحياة ، فألقي في نفسي أن أقبض من أثره ، فما ألقيته على شيء إلا صار له روح ولحم
ودم (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً) القبضة المرة من القبض ، وإطلاقها على المقبوض من تسمية
المفعول بالمصدر كضرب الأمير ، وقرئ فقبصت قبصة ، فالضاد بجميع الكفّ والصاد
بأطراف الأصابع (مِنْ أَثَرِ
الرَّسُولِ) أي من أثر فرس الرسول ، وقرئ بها (فَنَبَذْتُها) فطرحتها في جوف العجل (وَكَذلِكَ
__________________