قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (٩٧) إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (٩٨) كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) (٩٩)
(سَوَّلَتْ) زيّنت (لِي نَفْسِي) أن أفعله ففعلته اتباعا لهواي ، وهو اعتراف بالخطأ واعتذار.
٩٧ ـ (قالَ) له موسى (فَاذْهَبْ) من بيننا طريدا (فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ) ما عشت (أَنْ تَقُولَ) لمن أراد مخالطتك جاهلا بحالك (لا مِساسَ) أي لا يمسني أحد ولا أمسه ، فمنع من مخالطة الناس منعا كليا وحرّم عليهم ملاقاته ومكالمته ومبايعته ، وإذا اتفق أن يماسّ أحدا حمّ الماسّ والممسوس ، وكان يهيم في البرية يصيح لا مساس ، ويقال إن ذلك موجود في أولاده إلى الآن ، وقيل أراد موسى عليهالسلام أن يقتله فمنعه الله تعالى منه لسخائه (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ) أي لن يخلفك الله موعده الذي وعدك على الشرك والفساد في الأرض ، ينجزه لك في الآخرة بعد ما عاقبك بذاك في الدنيا ، لن تخلفه مكي وأبو عمرو ، هذا من أخلفت الموعد إذا وجدته خلفا (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ) وأصله ظللت فحذف اللام الأولى تخفيفا (عاكِفاً) مقيما (لَنُحَرِّقَنَّهُ) بالنار (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ) لنذرينّه (فِي الْيَمِّ نَسْفاً) فحرقه وذرّاه في البحر فشرب بعضهم من مائه حبا له ، فظهرت على شفاههم صفرة الذهب.
٩٨ ـ (إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) تمييز ، أي وسع علمه كلّ شيء.
٩٩ ـ ومحل الكاف في (كَذلِكَ) نصب ، أي مثل ما اقتصصنا عليك قصة موسى وفرعون (نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ) من أخبار الأمم الماضية تكثيرا لبيناتك وزيادة في معجزاتك (وَقَدْ آتَيْناكَ) أعطيناك (١) (مِنْ لَدُنَّا) من عندنا (ذِكْراً) قرآنا فهو ذكر عظيم وقرآن كريم فيه النجاة لمن أقبل عليه ، وهو مشتمل على الأقاصيص والأخبار الحقيقة بالتفكّر والاعتبار.
__________________
(١) في (ز) أي أعطيناك.