(جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦) وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (٧٧) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (٧٩) يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) (٨٠)
٧٦ ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ) بدل من الدرجات (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) دائمين (وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) تطهر من الشرك بقول لا إله إلا الله ، قيل هذه الآيات الثلاث حكاية قولهم ، وقيل خبر من الله تعالى لا على وجه الحكاية ، وهو أظهر.
٧٧ ـ (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) لما أراد الله تعالى إهلاك فرعون وقومه أمر موسى أن يخرج بهم من مصر ليلا ويأخذ بهم طريق البحر (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ) اجعل لهم ، من قولهم ضرب له في ماله سهما (يَبَساً) أي يابسا ، وهو مصدر وصف به ، يقال يبس يبسا ويبسا (لا تَخافُ) حال من الضمير في فاضرب ، أي اضرب لهم طريقا غير خائف. لا تخف حمزة على الجواب (دَرَكاً) هو اسم من الإدراك أي لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك (وَلا تَخْشى) الغرق ، وعلى قراءة حمزة ولا تخشى استئناف أي وأنت لا تخشى ، أو يكون الألف للإطلاق كما في : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١) فخرج بهم موسى من أول الليل ، وكانوا سبعين ألفا ، وقد استعاروا حليّهم ، فركب فرعون في ستمائة ألف من القبط فقصّ أثرهم فذلك قوله :
٧٨ ـ (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) هو حال ، أي خرج خلفهم ومعه جنوده (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِ) أصابهم من البحر (ما غَشِيَهُمْ) هو من جوامع الكلم التي تستقلّ مع قلّتها بالمعاني الكثيرة ، أي غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله عزوجل.
٧٩ ـ (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ) عن سبيل الرشاد (وَما هَدى) وما أرشدهم إلى الحقّ والسداد ، وهذا ردّ لقوله : (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) (٢).
ثم ذكر منّته على بني إسرائيل بعد ما أنجاهم من البحر وأهلك فرعون وقومه بقوله :
٨٠ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) أي أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي وقلنا يا بني إسرائيل (قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ) أي فرعون (وَواعَدْناكُمْ) بإيتاء الكتاب (جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ)
__________________
(١) الأحزاب ، ٣٣ / ١٠.
(٢) غافر ، ٤٠ / ٢٩.