(قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى) (٧٥)
بي أو ربّ موسى على ترك الإيمان به ، وقيل يريد نفسه لعنه الله ، وموسى صلوات الله وسلامه عليه بدليل قوله : آمنتم له ، واللام مع الإيمان في كتاب الله لغير الله كقوله : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) (١) (وَأَبْقى) أدوم.
٧٢ ـ (قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ) لن نختارك (عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ) القاطعة الدالة على صدق موسى (وَالَّذِي فَطَرَنا) عطف على ما جاءنا ، أي لن نختارك على الذي جاءنا ولا على الذي خلقنا ، أو قسم وجوابه لن نؤثرك مقدّم على القسم (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) فاصنع ما أنت صانع من القتل والصّلب قال (٢) : وعليهما مسرودتان قضاهما. أي صنعهما ، أو احكم ما أنت حاكم (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) أي في هذه الحياة (٣) ، فانتصبت (٤) على الظرف أي إنما تحكم فينا مدة حياتنا.
٧٣ ـ (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ) ما موصولة منصوبة بالعطف على خطايانا (مِنَ السِّحْرِ) حال من ما ، روي أنهم قالوا لفرعون : أرنا موسى نائما ، ففعل ، فوجدوه تحرسه عصاه ، فقالوا : ما هذا بسحر ، الساحر إذا نام بطل سحره ، فكرهوا معارضته خوف الفضيحة ، فأكرههم فرعون على الإتيان بالسحر ، انظر كيف نفعهم علمهم بالسحر (٥) وضرّ فرعون جهله به ، فكيف بعلم الشرع؟ (وَاللهُ خَيْرٌ) ثوابا لمن أطاعه (وَأَبْقى) عقابا لمن عصاه ، وهو ردّ لقول فرعون : ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابا وأبقى.
٧٤ ـ (إِنَّهُ) هو ضمير الشأن (مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً) كافرا (فَإِنَّ لَهُ) للمجرم (جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها) فيستريح بالموت (وَلا يَحْيى) حياة ينتفع بها.
٧٥ ـ (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً) مات على إيمانه (٦) (قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ) بعد الإيمان (فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى) جمع العليا.
__________________
(١) التوبة ، ٩ / ٦١.
(٢) لم أصل إلى أصله.
(٣) زاد في (ظ) و (ز) الدنيا.
(٤) في (ز) فانتصب.
(٥) في (ز) وضر فرعون جهله به ونفعهم علمهم بالسحر.
(٦) في (ز) مات على الإيمان.