(كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢) وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٨٣) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) (٨٤)
وذلك أنّ الله عزوجل وعد موسى أن يأتي هذا المكان ويختار سبعين رجلا يحضرون معه لنزول التوراة ، وإنما نسب إليهم المواعدة لأنها كانت لنبيّهم ونقبائهم ، وإليهم رجعت منافعها التي قام بها شرعهم ودينهم ، والأيمن نصب لأنه صفة جانب ، وقرئ بالجرّ على الجوار (وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) في التيه ، وقلنا لكم :
٨١ ـ (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ) حلالات (ما رَزَقْناكُمْ) أنجيتكم وواعدتكم ورزقنكم كوفي غير عاصم (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ) ولا تتعدوا حدود الله فيه بأن تكفروا النّعم وتنفقوها في المعاصي ، أو لا يظلم بعضكم بعضا (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) عقوبتي (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) هلك أو سقط سقوطا لا نهوض بعده ، وأصله أن يسقط من جبل فيهلك ، وتحقيقه سقط من شرف الإيمان إلى حفرة من حفر النيران. قرأ عليّ فيحلّ ويحلل ، والباقون بكسرهما ، فالمكسور في معنى الوجوب من حلّ الدين يحلّ إذا وجب أداؤه ، والمضموم في معنى النزول.
٨٢ ـ (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ) عن الشرك (وَآمَنَ) وحّد الله تعالى وصدّقه فيما أنزل (وَعَمِلَ صالِحاً) أدى الفرائض (ثُمَّ اهْتَدى) ثم استقام وثبت على الهدى المذكور وهو التوبة والإيمان والعمل الصالح.
٨٣ ـ (وَما أَعْجَلَكَ) وأي (١) شيء عجّل بك؟ (عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى) أي عن السبعين الذين اختارهم ، وذلك أنه مضى معهم إلى الطور على الموعد المضروب ثم تقدّمهم شوقا إلى كلام ربّه وأمرهم أن يتبعوه ، فقال (٢) الله تعالى وما أعجلك أي (٣) شيء أوجب عجلتك؟ استفهام إنكار وما مبتدأ وأعجلك الخبر.
٨٤ ـ (قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي) أي هم خلفي يلحقون بي وليس بيني وبينهم إلّا مسافة يسيرة ، ثم ذكر موجب العجلة فقال : (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِ) أي إلى الموعد الذي وعدت (لِتَرْضى) لتزداد عني رضا ، وهذا دليل على جواز الاجتهاد.
__________________
(١) في (ز) أي وأي.
(٢) في (ظ) و (ز) قال.
(٣) في (ز) أي أي.