(قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (٦٤) قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) (٦٥)
ثم لفقوا هذا الكلام يعني :
٦٣ ـ (قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) يعني موسى وهارون ، قرأ أبو عمرو إنّ هذين لساحران ، وهو ظاهر ، ولكنه مخالف للإمام (١) وابن كثير وحفص والخليل ، وهو أعرف بالنحو واللغة ، إن هذان لساحران بتخفيف إن مثل قولك إن زيد لمنطلق ، واللام هي الفارقة بين إن النافية والمخففة من الثقيلة ، وقيل هي بمعنى ما واللام بمعنى إلا ، أي ما هذان إلّا ساحران ، دليله قراءة أبيّ إن ذان إلّا ساحران ، وغيرهم إنّ هذان لساحران ، قيل هي لغة بلحارث بن كعب وخثعم ومراد وكنانة ، فالتثنية في لغتهم بالألف أبدا فلم يقلبوها ياء في الجرّ والنصب كعصا وسعدى قال :
إن أباها وأبا أباها |
|
قد بلغا في المجد غايتاها |
وقال الزّجّاج : إن بمعنى نعم ، قال الشاعر :
ويقلن شيب قد علا |
|
ك وقد كبرت فقلت إنه |
أي نعم ، والهاء للوقف ، وهذان مبتدأ ، وساحران خبر مبتدأ محذوف ، واللام داخلة على المبتدأ المحذوف تقديره هذان لهما ساحران ، فيكون دخولها في موضعها الموضوع لها وهو الابتداء ، وقد يدخل اللام في الخبر كما يدخل في المبتدأ قال : خالي لأنت ومن جرير خاله. قال فعرضته على المبرّد فرضيه ، وقد زيّفه أبو عليّ (يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) مصر (بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ) بدينكم وشريعتكم (الْمُثْلى) الفضلى ، تأنيث الأمثل وهو الأفضل.
٦٤ ـ (فَأَجْمِعُوا) فأحكموا أي اجعلوه مجمعا عليه حتى لا تختلفوا ، فاجمعوا أبو عمرو ويعضده فجمع كيده (كَيْدَكُمْ) هو ما يكاد به (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) مصطفين حال ، أمروا بأن يأتوا صفا لأنه أهيب في صدور الرائين (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) وقد فاز من غلب ، وهو اعتراض.
٦٥ ـ (قالُوا) أي السحرة (يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) عصاك أوّلا (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ
__________________
(١) الإمام : أي المصحف الإمام وهو مصحف عثمان رضي الله عنه.