(قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠) قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١) فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى) (٦٢)
(لا نُخْلِفُهُ) للموعد ، قرأ يزيد بالجزم على جواب الأمر ، وغيره بالرفع على الوصف للموعد (نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً) هو بدل من المكان المحذوف ، ويجوز أن لا يقدر مضاف ويكون المعنى اجعل بيننا وبينك وعدا لا نخلفه ، وانتصب مكانا بالمصدر ، أو بفعل يدلّ عليه المصدر (سُوىً) بالكسر حجازي وأبو عمرو وعليّ ، وغيرهم بالضم ، وهو نعت لمكانا أي منصفا بيننا وبينك ، وهو من الاستواء لأنّ المسافة من الوسط إلى الطرفين مستوية.
٥٩ ـ (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) مبتدأ وخبر ، وهو يوم عيد كان لهم ، أو يوم النيروز ، أو يوم عاشوراء ، وإنما استقام الجواب بالزمان وإن كان السؤال عن المكان على التأويل الأول لأنّ اجتماعهم يوم الزينة يكون في مكان لا محالة ، فبذكر الزمان علم المكان ، وعلى الثاني تقديره وعدكم وعد يوم الزينة (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ) أي تجمع ، في موضع رفع أو جر عطفا على يوم أو الزينة ، (ضُحًى) أي وقت الضحوة لتكون أبعد عن الريبة وأبين لكشف الحقّ وليشيع في جميع أهل الوبر والمدر (١).
٦٠ ـ (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ) أدبر عن موسى معرضا (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) مكره وسحرته ، وكانوا اثنين وسبعين ، أو أربعمائة ، أو سبعين ألفا (ثُمَّ أَتى) للموعد.
٦١ ـ (قالَ لَهُمْ مُوسى) أي للسحرة (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً) لا تدعوا آياته ومعجزاته سحرا (فَيُسْحِتَكُمْ) كوفي غير أبي بكر يهلككم ، وبفتح الياء والحاء غيرهم ، والسحت والإسحات بمعنى الإعدام ، وانتصب على جواب النهي (بِعَذابٍ) عظيم (وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) من كذّب على الله.
٦٢ ـ (فَتَنازَعُوا) اختلفوا أي السحرة ، فقال بعضهم هو ساحر مثلنا ، وقال بعضهم ليس هذا بكلام السحرة أي : لا تفتروا على الله كذبا ، الآية (أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى) أي تشاوروا في السرّ ، وقالوا : إن كان ساحرا فسنغلبه ، وإن كان من السماء فله أمر ، والنجوى يكون مصدرا واسما.
__________________
(١) أهل الوبر والمدر : أي أهل البدو والحضر ، والمدر القرى.